لا تزال استقالة رئيس شركة “آبل” ستيف جوبز من منصبه كمدير تنفيذي للشركة، تثير الكثير من الاهتمام في أسواق المال وعالم التكنولوجيا في كافة أرجاء العالم.
ودخل جوبز تاريخ التقنيات المعلوماتية من أوسع أبوابه حين قدم “ماكنتوش”، أول كومبيوتر شخصي في عام 1976، لتتحول الحواسيب الى أداة استهلاك واسعة الانتشار، بعد ان كانت الكومبيوترات التي تصنعها شركة “آي بي إم” حكرا للمصانع والمؤسسات الرسمية والدوائر الحكومية.
وبعد مرور حوالي ربع قرن قدم ستيف جوبز من خلال “تفاحته” خدمة تكنولوجية جديدة، اعتبرت نقلة استثنائية في التقنية المعلوماتية، بتصنيع كومبيوتر محمول وذلك بإطلاق منتجات “آي”، التي شملت “آي فون” و”آي بود” و”آي باد”، وكذلك متجر “آي تيونز” الموسيقي الضخم.
وقد تناقلت وسائل الإعلام في وقت سابق نباً يفيد بنية جوبز الاستقالة من منصبه، بسبب إصابته بسرطان البنكرياس، خاصة بعد إجازته المرضية منذ مطلع العام الحالي، وتعيين تيم كوك مديراً لأعمال “آبل”.
ويذكر ان قيمة شركة “آبل” تقدر بـ 3465 مليار دولار، مما جعلها تتفوق على “أكسون موبايل” في شهر أغسطس/آب الماضي وتحتل موقع الشركة الأغلى في العالم، لتتراجع لاحقا الى المركز الثاني، في حين تبلغ ثروة ستيف جوبز مالك نسبة الأسهم الأكبر في “والت ديزني” 8 مليارات دولار.
وأسفر الإعلان عن استقالة ستيف جوبز عن انخفاض في أسهم “آبل” بنسبة 5%، في ظل أنباء راجت سريعا عن نوايا العديد من كبريات الشركات العالمية بالاستحواذ على موقع “التفاحة” الرائد، وبينها “سامسونغ”، كما انتشرت معلومات تشير الى احتمال تحالف بين “موتورولا” و”جوجل” من جهة و”نوكيا” مع “مايكروسوفت” للغاية ذاتها.
ولد ستيف جوبز في فبراير/شباط 1955، ونشأ في أسرة أمريكية من أصل بولندي، بعد ان تخلى عنه والداه البيولوجيان السوري عبد الفتاح جندلي والأمريكية جوان سيمبسون، وذلك عقب ولادته بأسبوع واحد فقط.
وبعد طرده من الجامعة عمل جوبز فنيا في شركة “أتاري”، قبل ان يسافر الى الهند، حيث اعتنق الهندوسية، ومن ثم عاد الى كاليفورنيا لتأسيس شركة “آبل” بالتعاون مع ستيف ووزنياك ورونالد واين.
واختار ستيف جوبز التفاحة كرمز لشركته، ويعود ذلك الى انه عمل في حقل تفاح في فترة من حياته. فوي بادئ الأمر قرر جوبز ان يكون شعار الشركة عبارة عن رسم لشجرة تفاح يجلس إسحق نيوتن في ظلها. لكن بسبب صغر حجم الصورة وعدم وضوح تفاصيلها قرر استبداله بتفاحة مقضومة، ترمز الى ثمرة المعرفة، التي قضمها آدم في الجنة، ملونة بألوان قوس قزح في إشارة الى قدرات “آبل” الشاملة.
وبعد تحقيقها نجاحات باهرة في عالم التقنيات، وقعت خلافات بين جوبز وإدارة الشركة، مما اضطره الى ترك موقعه فيها في عام 1985، وتأسيس شركة “نكست”، إلا انه عاد الى شركته الأولى التي نجحت بشراء “نكست” في عام 1996.
وجاء في رسالة وجهها ستيف جوبز لمجلس إدارة “آبل” تناول فيها استقالته: “قلت مرارا اذا جاء يوم شعرت فيه بعجزي عن مواصلة مهامي كما هو متوقع مني كمدير لـ “آبل”، فسأكون أول من يحيطكم علما بذلك. للأسف هذا اليوم جاء وهأنذا أعلن استقالتي من منصبي”. وعبر جوبز في الرسالة عن تفاؤله بأن المستقبل سيكسب شركته تفوقا وإبداعا اكثر، كما أعرب عن أمله بأن يرى “التفاحة” تحقق المزيد من النجاحات، مشيرا الى انه “حظي بأصدقاء حقيقيين” أثناء عمله في “آبل”.
ويقتبس الكثيرون من المعجبين بأسطورة وادي السيليكون كما يوصف ستيف جوبز العديد من أقواله المأثورة، ومنها “السبيل الأفضل للقيام بشئ عظيم ان تحب ما تفعل”، وكذلك “اجعل تفكيرك نقيا كي تكون بسيطا”. إلا ان البعض يلفت الى إحدى أقوال جوبز مشيراً الى انها تعكس شخصيته بوضوح اذ قال: “تذكر دائما انك ستموت، فتلك أفضل وسيلة لتفادي الوقوع في فخ فقدانك شيئاً ما”، وهو ما ترجمه ستيف جوبز فعليا بتخليه عن موقعه المرموق في الشركة.
وعبر كثيرون عن حزنهم لما آلت له صحة ستيف جوبز التي تسببت بإعلانه الاستقالة بعد إنجازاته المميزة. وحول هذا الأمر قال أحدهم .. “3 تفاحات غيرت مجرى التاريخ .. تفاحة آدم وتفاحة نيوتن وتفاحة جوبز .. “