تاريخ انتل في تصنيع الترانزستور

اللعب بالذرات

للمحافظة على النمو الأسِّي الذي تنبأ به قانون مور، يجب تقليص حجم الترانزستورات إلى النصف تقريباً كل 24 شهراً. وقد دفعت معركة التصغير هذه جزءاً هاماً من الترانزستور إلى حدوده القصوى: قطعة ثاني أكسيد السليكون (SiO2) التي تعمل كطبقة عازلة بين البوابة والقناة التي يجري فيها التيار عندما يكون الترانزستور في وضع التشغيل. وفي كل جيل جديد من الرقاقات، تصبح هذه الطبقة العازلة أرق أكثر فأكثر. وفي حالة رقاقات 65 نانومتر، كانت سماكة هذه الطبقة 1.2 نانومتر1 فقط أو ما يعادل سماكة 5 ذرات. وهنا لم يعد بإمكان مهندسي إنتل إزالة حتى ذرة واحدة فقط. لكن مع تزايد رقة الطبقة العازلة، ظهر التسرب. لقد كان الأمر أشبه بصنبور يقطر: بدأت الطبقة العازلة بتسريب التيار إلى الترانزستور. والنتيجة: أصبحت الرقاقات تستهلك المزيد والمزيد من التيار وتولد حرارة زائدة أثناء العمل.

 

الحدود الأساسية

في ذلك الحين، كان التسريب في الترانزستور التحدي الأكبر الذي تواجهه صناعة أشباه الموصلات. وتم التوصل إلى حل الأزمة من خلال جعل طبقة العزل أسمك. وهو الشيء الذي لم يكن ممكناً إلا بتصنيع الطبقة من مادة أخرى – تحوي المزيد من الذرات. وفي يناير 2007، أعلنت إنتل أنه وللمرة الأولى منذ أربعين عاماً لن تصنع الطبقة العازلة من ثاني أكسيد السليكون بل من الهافنيوم، وهو معدن فضي رمادي يمتاز بخصائص كهربائية أفضل ويقلل تسرب التيار بمعامل العشر. وقد أطلق غوردون مور نفسه على هذا الاختراع “أهم تغير في تقنية الترانزستورات منذ أواخر الستينيات”.

لكن هذا الاختراع يمثل نصف الحل فقط. فقد تبين أن المادة الجديدة غير متوافقة مع جزء مهم آخر في الترانزستور: البوابة. والأسوأ، أن الترانزستورات الأولى التي استخدمت الطبقة العازلة أعطت أداء أقل كفاءة من الترانزستورات القديمة. وجاء الجواب في استخدام مادة جديدة للبوابة أيضاً: مجموعة فريدة وخاصة من المعادن تحتفظ بها إنتل كسرٍّ تحميه بحرص. وفي نوفمبر 2007، قدمت إنتل جيلاً جديداً من الرقاقات يستخدم هذه المواد الجديدة ويرتكز على عملية إنتاج عيار 45 نانومتر. والنتيجة: لا تسجل هذه الرقاقات من عيار 45 نانومتر رقماً قياسياً جديداً في الأداء فحسب بل إنها تقدم أيضاً توفيراً غير مسبوق في استهلاك الطاقة.

 

البعد الثالث: إعادة اختراع الترانزستور

في مايو 2011، أعلنت إنتل عن اختراع تقني رئيسي آخر وابتكار تاريخي في المعالجات بإعادة اختراع الترانزستور عبر استخدام بنية جديدة ثلاثية الأبعاد. وللمرة الأولى منذ اختراع ترانزستورات السليكون منذ أكثر من 50 سنة، سيتم وضع الترانزستورات التي تستخدم بنية ثلاثية الأبعاد قيد التصنيع بكميات كبيرة. وستقدم إنتل تصميماً ثورياً ثلاثي الأبعاد يسمى البوابة الثلاثية، والذي كشفت عنه إنتل للمرة الأولى في العام 2002بعملية تصنيع عيار 22 نانومتر بأعداد كبيرة في رقاقة إنتل التي تحمل الاسم الرمزي “جسر العاج Ivy Bridge”.

 

 

 

 

 

 

 

 

ترانزستور البوابة الثلاثية ذات الأبعاد الثلاثة من إنتل

تمثل ترانزستورات البوابة الثلاثية ذات الأبعاد الثلاثة إعادة اختراع للترانزستور، حيث تم استبدال البوابة “المسطحة” المستوية ذات البعدين بزعنفة من السليكون ثلاثية الأبعاد رقيقة السماكة إلى حد لا يصدق ترتفع عمودياً من الركيزة السليكونية. ويتم التحكم بالتيار بوضع بوابة على كل من جوانب الزعنفة الثلاثة – اثنان على الجانب وواحدة في الأعلى — بدلاً من واحدة فقط في الأعلى كما هو الحال في الترانزستور المستوي ثنائي البعد. ويتيح التحكم الإضافي جريان أقصى قدر ممكن من التيار في الترانزستور عندما يكون في وضع “التشغيل” (للحصول على الأداء) وأقرب ما يمكن إلى الصفر عندما يكون في وضع “الإيقاف” (لتقليل الطاقة المستهلكة إلى الحد الأدنى)، وتمكين الترانزستور من التحويل بين الوضعين بسرعة عالية جداً (مرة أخرى للحصول على الأداء). وكما تسمح ناطحات السحاب لمخططي المدن بالاستفادة القصوى من المساحة المتوفرة عبر البناء إلى أعلى، فإن بنية ترانزستورات البوابة الثلاثية ذات الأبعاد الثلاثة توفر طريقة فعالة لإدارة الكثافة.

فحوى قانون مور هو توقع سرعة تطور تقنية السليكون، وينص على أن كثافة الترانزستورات ستتضاعف تقريباً كل سنتين، مع زيادة الوظائف والأداء وتقليل التكاليف. وقد أصبح القانون نموذج الأعمال الأساسي لصناعة أشباه الموصلات منذ أكثر من أربعين سنة. وأدرك العلماء منذ زمن طويل مزايا البنية ثلاثية الأبعاد في المحافظة على معدل قانون مور وذلك مع الاستمرار في تصغير أبعاد الأجهزة إلى حد وقفت معه القوانين الفيزيائية حاجزاً أمام التقدم. ويحافظ الانتقال إلى ترانزستورات البوابة الثلاثية ذات الأبعاد الثلاثة على سرعة التقدم التقني ويدعم قانون مور لسنوات طويلة قادمة.

لمزيد من المعلومات عن شركة انتل ومنتجاتها باللغة العربية قم بزيارة الموقع التالي

http://www.intel.com/?ar_EG_01

الصفحة السابقة 1 2

محمد رمزي

مؤسس الموقع ورئيس التحرير، مهتم بالتقنية والتطور الكبير في مجالي الحوسبة والتخزين.
زر الذهاب إلى الأعلى