من أول آلة حاسبة صغيرة توضع في الجيب، مرورا بالمنظمات اليومية الإلكترونية التي ظهرت في الثمانينيات، وصولا إلى الأجهزة اللوحية حاليا، هنالك 15 جهازا مبتكرا ساهمت جميعها بدفع ثورة الكومبيوتر المحمولة باليد. ونستعرض هنا سريعا أهمها والتي ظهرت خلال الـ40 سنة، التي مضت على ولادتها.
في عام 1972 تصدى مهندسو “هيوليت – باكرد” للتحديات التي أثارها مؤسس الشركة وليام هيوليت حول تركيب جميع الوظائف العلمية للآلة الحاسبة المكتبية التي كانت تشكل المهمة الرئيسية للشركة، في قطعة صغيرة يمكن وضعها في جيب القميص. فخرجوا بآلة “إتش بي – 35” التي كانت آلة حاسبة علمية لا يتعدى حجمها علبة الحليب الصغيرة، التي كانت تشكل وفقا لرأي الجميع أول كومبيوتر يحمل باليد.
وبعد هذا طرح التصميم ظهرت أجهزة مماثلة بعضها كان ناجحا جدا، وبعضها الآخر كان خلاف ذلك، لكن جميعها كانت متوفرة تجاريا. وجميعها كانت تحمل بيد واحدة، وتدار باليد الأخرى. لكن قائمة هذه الأجهزة التالية لا تضم أجهزة لابتوب، ولا دفاتر إنترنت، ولا أجهزة هجينا من لابتوب وجهاز لوحي معا.
حاسبات وأجهزة ألعاب
1972: الحاسبة العلمية اليدوية “إتش بي – 35” HP – 35. في عام 1972 تخلى المهندسون عن المسطرة الحاسبة ليفتتنوا بأول حاسبة علمية جيبية تشع بالأضواء الحمراء التي تصدرها الصمامات الثنائية الباعثة لها (LED). وهي خلافا إلى الحاسبات البسيطة التي تحمل باليد التي طرحت قبل ذلك التاريخ بسنة، كان بمقدورها، بسعرها البالغ 395 دولارا، أن تقوم بعلميات حسابية أكثر تعقيدا، وهي محمولة براحة اليد، تماما كالكومبيوتر المحمول.
1979: اللعبة “ميلتون – برادلي” Milton – Bradley Microvision game console. إذا طلبت من غالبية الناس تسمية أول لعبة خرطوشية الشكل تحمل باليد، فقد تحصل على الإجابة الخطأ. فهذه لم تكن لعبة “Game Boy” الأصلية عام 1989 من “نينتيندو”، بل كانت لعبة “مايكروفيجن” من “ميلتون – برادلي” البالغ سعرها 50 دولارا التي طرحت بمناسبة عطل نهاية عام 1979. وهي خلافا للعب الأخرى التي كانت عبارة عن لعبة واحدة لا غير، التي طرحت عام 1977، فقد كانت مجهزة بخراطيش يمكن استبدالها للألعاب متعددة يمكن ممارستها أثناء حملها.
1980: الكومبيوتر الجيبي “تي آر إس – 80” Tandy/Radio Shack TRS – 80 Pocket Computer في لحظة تجلي سبقت “بلاك – بيري”، قامت شركة “تاندي/ راديوشاك” بإضافة لوحة مفاتيح “كويرتي” عادية إلى الآلة الحاسبة اليدوية، مما سمح بعمليات الحفظ والتخزين، وتأمين كومبيوتر يمكن برمجته كلية، يمكن حمله باليد، ووضعه بالجيب، على الرغم من أنه ينبغي على هذه اليد، وهذا الجيب أن يكونا واسعين وكبيرين. وفي خطوة عبقرية سبقت “ويندوز”، سارعت الشركة فورا بتسمية الجهاز بالسنة الذي طرح خلالها.
وتميز الكومبيوتر الجيبي “تي آر إس – 80” (250 دولارا) بشاشة من الكريستال السائل (LCD) مكونة من 24 حرفا، وببرنامج “BASIC” مركب داخله، وفتحات للطباعة “النقطية” على شريط بكرة للاحتفاظ بالبيانات على تخزين خارجي.
منظم إلكتروني
1984: المنظم “سايون” Psion Organiser. كسلعة بريطانية كبيرة جرى تسويق “منظم سيون الإلكتروني” (99.95 دولار) كأول كومبيوتر جيبي فعلي جاهز مع قاعدة معلومات، وتخزين “EPROM Datapack”، ولكن من دون نظام تشغيل. وكانت لوحة المفاتيح قياس 5.5 × 3 × 1 بوصة شاذة بأحرف نقطية، وبنظام ألفبائي، فضلا عن مفاتيح تحكم.
ولدى ظهور الجيل الثاني “أورجنايزر 2” Organiser II بعد عامين، كان الجيل الأول يستخدم على نطاق واسع في المستودعات ومحلات البيع، والمكاتب الحكومية. وتطور الجهاز بعد ذلك لينفتح غطاؤه كدفتر الإنترنت، مثل “السلسلة 5” في عام 1977 الذي كان يشغل مجموعات كاملة من البرمجيات، لمدة 20 ساعة، على بطاريتين من نوع “AA”.
1989: “بوكيت بي سي” Poqet PC. أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، كان العصر الذي ما تزال فيه التجارة والأعمال تتحدث عن التطابق مع مواصفات “IBM”، لذا كان من المحتم أن تقوم بعض الشركات الرائدة في قطاع الأجهزة التي تحمل باليد، باعتماد نظام MS – DOS وتشغيل البرمجيات الأساسية، مثل “Lotus 1-2-3” و “WordPerfect”. وكان جهاز “بوكيت بي سي” (2000 دولار) يقوم بذلك بدقة.
وعن طريق سعة 640 كيلوبايت من الذاكرة العشوائية “RAM”، والتخزين الذي يمكن توسيعه في كومبيوتر بزنة رطل واحد بحجم شريط “VHS”، كان “بوكيت بي سي” عبارة عن دفتر ملاحظات فرعي إلكتروني مصمم للحمل بيد واحدة، والطباعة عليه باليد الأخرى. وكان يتضمن أيضا مميزات للاتصالات، كما كان يقوم بما لا تقوم به غالبية الأجهزة الحديثة التي تحمل باليد، ألا وهي البدء بالتشغيل فورا، بحيث كان يعمل لمدة 50 ساعة عن طريق زوج من بطاريات “AA”.
المساعد الشخصي
1993: الجهاز اللوحي “أبل نيوتن مسيج باد” Apple Newton MessagePad. يبدو وكأنه مسجل ثلاثي في مركبة “ستار تريك” الخيالية. فقد اكتسح “بوكيت بي سي” (700 دولار) من “أبل” السوق أشبه بالعاصفة. لكنه سرعان ما احترق وزالت آثاره بالسرعة الذي انطلق بها. وكان يتميز بشاشة حساسة للضغط بوضوح 336 × 240 بيكسل.
وهذا الكومبيوتر البالغ وزنه رطلا واحدا بقياس 7 × 4.5 بوصة، قدم لأول مرة تعبير “المساعد الشخصي الرقمي (PDA) إلى عالم المعاجم. وكان سابقا لعصره، بحيث أطلق بنصف إمكانية للتعرف على خط اليد، خلال عصر (أبل) الأول. لكن عيوبه كانت موضع السخرية من الكثيرين، وبذلك لم يحظ بالاهتمام الكافي، مما أرغم الشركة على التخلي عنه بعد خمس سنوات على إطلاقه فاسحة المجال أمام الشركات الأخرى للسيطرة على سوق الأجهزة المحمولة باليد لفترة من الزمن على الأقل”.
1996: “بالم بايلوت” Palm Pilot. “بالم بايلوت” كان في يوم من الأيام من بين الأصناف الرفيعة والمعتبرة لدى “زيروكس”، و”كلينيكس”، و”جوجل”. فقد كان علامة تجارية تستخدم كتعبير عام يمثل الصناعة هذه برمتها. فقد انطلق من قبل ثلاثة مهندسين عملوا في شركة “بالم كومبيوتنج” المتفرعة من شركة “يو إس روبوتكس”، الذين طوروا جهازا محمولا لخدمة برنامجهم “جرافيتي” الذي يتعرف على خط اليد. وكانت النتيجة جهاز “بايلوت 1000 بي دي إيه” (300 دولار) بشاشة من المونوكروم 160 × 160 بيكسل، مع رقعة للكتابة عليها بالقلم داخل إطار يحتل ثلثي حجم جهاز “نيوتن” من “أبل” وثلث وزنه. وكان التطبيق عبارة عن برنامج للتنظيم الشخصي يمكنه التزامن بذكاء مع أجهزة “PC” و “MAC” على السواء. ووفر نظام التشغيل “Palm OS” منصة فعالة، بكلفة معقولة لأجهزة “PDA”، ومن ثم للهواتف الذكية، ومهد إلى عالم أجهزة الكومبيوتر التي تحمل باليد، ومتوفرة في كل مكان.
وبفضل التصميم المتطور تحتوي الخراطيش على وحدة معالجة مركزية، فضلا عن وحدة الألعاب التي تضم الشاشة، وأزرار الإدخال والتلقيم، وبطاريات 9 فولت.
1996: “نوكيا 9000 كومينيكيتور” Nokia 9000 Communicator. بالنسبة إلى العصر الحديث، كان جهاز “نوكيا 9000 كومينيكيتور” من الضخامة، بحيث يمكن استخدامه كسلاح شخصي للدفاع عن النفس. لكنه تحول في عام 1997 مع لوحة المفاتيح العادية “كويرتي”، وشاشة 640 × 200 بيكسل المخفية في داخله، إلى هاتف ذكي، قبل أن يقوم أي شخص باستخدام هذا التعبير. ويقوم نظام تشغيله GEOS بتشغيل مجموعة كاملة من برمجيات التنظيم الشخصي، كما يمكنه التحول من وظائف الفاكس، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية القصيرة إلى تصفح الإنترنت بشكل كامل. وجهاز “كومينيكيتور” هذا تطور خلال سنوات قليلة، وظهر في الكثير من الأفلام، كمنتج جذاب عالي التقنية.
جهاز بلاك بيري
1999: بلاك بيري من شركة “آي آر أم” RIM BlackBerry. وعن طريق شاشة “مونوكروم” الصغيرة، ولوحة مفاتيح “كويرتي” بدا هاتف “بلاكبيري” من “ريسيرتش أند موشن” كجهاز مناداة (بايجر) ذي مسلكين لإرسال النصوص القصيرة واستقبالها. لكنه يتضمن أيضا وظائف “PDA”، وتطبيقا مهما بحيث يتيح تلقي البريد مباشرة باليد. وفي عام 2003 تطورت أصناف “بلاك بيري” إلى شكل الهواتف الذكية، مع شاشة ملونة كبيرة، ومميزات مثل الاتصالات الهاتفية العاملة على الموجات الأربع، والتراسل بالنصوص القصيرة، وتصفح الشبكة. ومن الخارج بدا أن الهواتف هذه باتت من صفة رجال الأعمال، وأصحاب الشركات الذين كانوا لا يستطيعون التخلي عنها، خاصة في أوائل الألفية الثانية.
الأجهزة الرقمية الشخصية
2000: كومباك آي باك Compaq iPAQ. “آي باك” هذا الذي يختلف عن “آي باد” بالاسم بحرف واحد، كان باستطاعته أن يسبق ألأخير بعقد واحد من الزمن. فهذا الجهاز (400 دولار) الذي يحمل باليد كان “PDA”، وكان أكثر الأجهزة جاذبية واستقطابا. وهو يعمل على منصة “بوكيت بي سي” من “مايكروسوفت”، التي كانت تتضمن نسخا من “ويندوز” و”أوفيس”. وهو مزود بشاشة ملونة، وبقدرة على تشغيل الوسائط المتعددة، ليتطور لاحقا ليدعم “Wi-Fi”، والاتصالات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت VoIP، فضلا عن سوق لتطبيقات من شأنها أن تضيف مميزات كالقدرات التلفزيونية البعيدة. وهو ليس مشابها لـ”آي باد” بالاسم فحسب، بل ينحى المنحى ذاته بالعمل.
وقد أعجبت “هيوليت – باكرد” بهذا الجهاز، بحيث قامت بشراء امتيازه، ووضعت اسم منتجها “جورنادا” عليه لتعتمده كما لو أنه جهازها.
2004: “أو كيو أو موديل 01” OQO Model 01. أجهزة “PDA” لم تكن قوية بما فيها الكفاية، كما أن أجهزة “لابتوب /اللوحية بي سي” الهجين كانت كبيرة، فهل من حل وسط؟
لقد جاء على شكل “موديل 01” من شركة “أو كيو أو” (1500 دولار). وكان عبارة عن جهاز “PC” لوحي بحجم الكتاب الورقي مزود بلوحة مفاتيح مضاءة من الخلف تنزلق إلى الخارج كالدرج. والجهاز الممشوق هذا قياس 5 × 3.5 × 1 بوصة يتضمن “ويندوز إكس بي” في قرص سعة 20 جيجابايت، فضلا عن “بلوتوث”، و “واي – فاي”، و “فاير واير”، و”يو إس بي” للتواصل مع العالم الخارجي. والطرز الأخيرة منه تشغل “ويندوز فيستا”.
و”موديل 01″ منه دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية العالمية على أنه أصغر كومبيوتر مكتمل المميزات، فضلا عن أنه عرف بسوق جديدة هي أجهزة الإنترنت الجوالة MID، وأجهزة الإنترنت اللوحية، وغيرها. وقد دخلت “سامسونج كيو 1″، و”نوكيا 770″، وفيضا من منتجات “أركوس” الأخرى السوق هذه، لكن جاء شيء آخر سرق الوهج من هذا كله.
عصر الآي فون
2007: “أبل آي فون” Apple iPhone. مشغل جوال للموسيقى، وهاتف ذكي بكاميرا، وأداة لممارسة الألعاب، وكومبيوتر، وجهاز ملاحة جي بي إس، وغيرها الكثير، كلها في جهاز واحد يعتبر إنجازا كبيرا. وهو بواجهته التفاعلية العاملة باللمس، مهد الطريق إلى ما سيأتي لاحقا.
“إتش تي سي دريم/ تي – موبايل جي 1” HTC Dream / T – Mobile G1. أول هاتف من نظام “أندرويد” كان “إتش تي سي دريم” (150 دولارا). وهو يوفر بطارية أفضل، وكلفة أقل، ولوحة مفاتيح “كويرتي” عادية، لكنه متخلف على صعيد الوسائط والتطبيقات. ومع ذلك فانه في أقل من أربع سنوات سيطر نظام “غوغل” على نصف السوق الأميركية للهواتف الذكية، مقابل “أبل” التي انخفضت إلى أقل من الثلث.
ظهور “آي باد”
2010: “أبل آي باد” Apple iPad. قررت “أبل تعزيز جهازيها آي فون، وآي بود تاتش”، وبيع جهاز جامع لهما يحمل باليد بـ500 دولار. كما أنها وضعت كومبيوترا لوحيا داخله، مع شاشة قياس 9.7 بوصة تعمل باللمس، فضلا عن المميزات الأخرى الكثيرة. والجيل الجديد منه بكاميرتين، واحدة أمامية وأخرى خلفية. أما بقية المميزات الكثيرة فباتت معروفة.
“سامسونغ جالاكسي تاب” Samsung Galaxy Tab. أبل تملك جهازها اللوحي، كذلك “جوجل” الآن، ونظامها الخاص “أندرويد”، على جهاز أصغر حجما، وأخف وزنا، وأقل كلفة. وكان الطراز الأول منه “جالاكسي تاب” الصغير من إنتاج “سامسونغ” (400 دولار) بقياس 7 بوصات، وشاشة واضحة 1024 × 600، مع ضوء كشاف للكاميرا، بتصوير بانورامي، وعنونة للصور أوتوماتيكيا. و”جوجل” بنظامها “أندرويد”، فتحت السوق للمزيد من الأجهزة اللوحية من إنتاج شركات أخرى، بحيث سيتدنى سعرها إلى أقل من 200 دولار للجهاز الواحد.
كنت هذه رحلة صغيرة ومبسطة تمثل 40 عاما من التطور التكنولوجي الذي لحق بالاجهزة المحمولة باليد ، وها نحن اليوم نرى اجهزة تحتوي كامل الخصائص والامكانيات التي كانت حلم بالنسبة لنا منذ بضعة سنوات، اجهزة بقياس راحة اليد قادرة على التواصل بجميع الطرق، وتلبي كافة الاحتياجات المطلوبة ومنها واكثر باسعار تتناقص يوميا، والفضل في ذلك يعود الي التنافس الكبير بين الشركات المصنعة.