أن تذهب إلى أرض عدوك لتحقيق حلمك وتحصل على دعم مالي وعلمي منه أيضا، قد يبدو أمرًا مستغربًا، إلَّا أن أكيو موريتا “Akio Morita” مؤسس شركة سوني للصوتيات والصناعات الالكترونية قام بذلك بالفعل! كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟
قام أكيو موريتا بالذهاب إلى أرض من أقدم على تدمير بلده لطلب الدعم، وبمناسبة حديثنا عن أكيو موريتا فإننا نفتح قصة أحد أعظم الرجال الذين عرفتهم اليابان وساهموا بتطور وتقدم البلاد، لتصبح شركته من كبرى الشركات العالمية والتي ظل قائماً على رأسها حتى منتصف التسعينيات جاعلًا منها شركة شامخة بين الشركات.
من هو أكيو موريتا؟ وما علاقته بشركة سوني؟
ولد أكيو موريتا سنة 1921 في قرية صغيرة في اليابان، كانت عائلته تعمل في جمع وتحضير التوابل اليابانية والمأكولات الأخرى، عمل معهم فترة لا بأس بها، لكنه كان يعشق الآلات الميكانيكية وغالبا ما كان يسعى جاهداً لمحاولة فهم طريقة عمل السيارات وكيفية إجراء الاتصال بين المناطق المختلفة عن طريق الرادارات، درس في كلية الفيزياء، وعندما وقعت الحرب العالمية الثانية أصبح ضابطاً عاملاً في سلاح البحرية اليابانية، خلال فترة الحرب تعرف على صديقه “ماسارو إيبوكا” العامل في ورشة تصليح أجهزة الراديو، والذي لازمه طوال حياته فيما بعد وكان واحدًا من أهم شركائه في العمل.
في سنة 1946, قام أكيو موريتا بإنشاء شركة سوني والتي كان مقرها في العاصمة طوكيو، بمساعدة صديقه إيبوكا تحت اسم “شركة طوكيو لهندسة الاتصالات”، كان ذلك بعد تسعة أشهر من بعد استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية، حيث لم يكن تأسيس شركة سوني بهذه السهولة، وفي خطوة تتصف بانفتاح العقل والجرأة وبضرورة نفض غبار التخلف والعداوة، قرر أكيو موريتا السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
سفر أكيو موريتا إلى الولايات المتحدة الأمريكية جاء بسبب فضوله في معرفة ماهية الاختراع الجديد والذي يدعى “الترانزستور” حيث أن مختبرات T bell الأمريكية كانت السباقة لذلك الاختراع، هذا وإن دل على شيء، فإنه يدل على حنكة موريتا وعبقريته الإدارية في فهم الأمور كما يجب، بقي موريتا في أمريكا فترة من الزمن ومن ثم عاد وهو ظافراً بوكالة من تلك الشركة تسمح له بصنع وبيع أجهزة الترانزستور، لكن الترخيص لم يكن يشمل الصناعة العسكرية، وهذا ما كان أكيو موريتا يرغب به فعلًا، فزمن الحرب انتهى والآن حان وقت البناء من جديد، استطاع موريتا بمساعدة صديقه أن يتوصلا إلى إنتاج أجهزة راديو حديثة عليها شعار شركتهم.
خلال أعوام أصبحت شركة سوني لصاحبها أكيو موريتا من أقوى الشركات اليابانية، ودخلت لاسهمها في البورصة في أمريكا بعد أن فتح فرعاً لها هناك، كانت مهمة أكيو موريتا تقتضي بالبحث عن مخترعين ومواهب جديدة من أجل أن يضعها في خدمة شركة سوني، وقد طور موريتا خطوط الانتاج فيها فأصبحت الشركة تنتج كافة الاجهزة السمعية والبصرية من أجهزة تلفزة وراديو وأجهزة الوولك مان مطلع السبعينات.
استمر أكيو موريتا في رئاسة مجلس إدارة شركة سوني حتى منتصف التسعينات، وتوفي في نهايتها عن عمر يناهز 78 سنة.