معلومات أساسية
من الروك آند رول إلى البعد الثالث:
ابتكارات الترانزستور تتواصل
لمحة عامة
عندما يتعلق الأمر بالعمل على تنشيط الابتكارات وإطلاق التقنيات، فليس هناك شيء أهم من الترانزستور الذي اخترع قبل 64 عاماً في “مختبرات بل”. ولم تكن كل الإلكترونيات التي نعرفها اليوم لتوجد لولا الترانزستور.
تعتبر الترنزستورات المكون الرئيسي في المعالجات. وهي تشغِّل العديد من المنتجات التي نستخدمها يومياً مثل الهواتف النقالة والحاسبات والأجهزة الاستهلاكية وحتى أجهزة التحكم الإلكترونية في السيارات والمركبات الفضائية والأجهزة المنزلية والطبية.
الترانزستور “محرك صغير قوي” ويشبه “مفتاح تشغيل وإيقاف” دقيق الحجم جداً، يتيح معالجة المعلومات في الحاسبات ويوفر لنا كل ما يقدمه العصر الرقمي.
وقد كان الترانزستور الأصلي الذي صنعته “مختبرات بل” في العام 1947 كبيراً إلى حد أنه يمسك باليد. بالمقابل، يمكن الآن وضع أكثر من 6 ملايين ترانزستور إنتل معيار 22 نانومتر الثوري ثلاثي البوابة في النقطة التي نختم بها هذه الجملة.
ما هو السر وراء نجاح الترانزستور؟ إنه يصبح مع كل جيل جديد أصغر وأسرع وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة. لقد تطلب الاستمرار بهذا التقدم وفق المعدل الذي حدده قانون مور العديد من الابتكارات. ومن بين الابتكارات الأخيرة اللافتة السليكون المُجهَد strained silicon (الذي قدمته إنتل عام 2003) والبوابة المعدنية ذات معامل العزل العالي high-k/metal gate (التي قدمتها إنتل عام 2007).
وفي مايو 2011، أعلنت إنتل عن اختراع جوهري في تطور الترانزستور: الترانزستورات التي تستخدم بنية ثلاثية الأبعاد. وماذا بعد؟ ما تزال إنتل تواصل دفع عجلة العمل في الابتكارات التقنية لتقديم منتجات ستغير الطريقة التي نحيا ونعمل ونلهو ونتواصل بها بشكل لا يوجد الآن إلا في الخيال.
التشغيل أو الإيقاف
لعل اختراع الترانزستور في الشهرين الأخيرين من العام 1947 هو أهم اختراعات القرن العشرين. وتحديداً فإن الحديث عن تأثيره على حياتنا اليومية في القرنين العشرين والحادي والعشرين لن يكون مبالغة على الإطلاق. وقد استخدمت هذه “البقة”، كما يحول لنوابغ الإلكترونيات تسميته، في البداية لتضخيم إشارات الصوت. ولهذا السبب، فإن أول الأجهزة اللاسلكية المحمولة في الخمسينيات أصبحت تعرف باسم مذياع الترانزستور. لكن أهم تطبيق للترانزستور على المدى البعيد كان كمفتاح في الدارات المتكاملة (IC) التي تعرف باسم الرقاقة.
وبفضل دوره كمفتاح صغير، توجد مئات ملايين الترانزستورات الآن في الرقاقات التي تشكل قلب أجهزة الإلكترونيات المستخدمة على نطاق واسع كل يوم، كالحاسبات والحاسبات المحمولة والخوادم والهواتف النقالة وأفران الميكروويف والسيارات – وتكاد القائمة لا تنتهي. ولا يمكن للرقاقة أن تعمل دون الترانزستور، ولا يمكن للحاسب أن يعمل دون الرقاقة، ما يجعل للترانزستور دوراً أساسياً في التطور التقني خلال السنوات الستين الماضية.
ومما يثير الانتباه أن الترانزستور لم يكن يقوم بداية بأكثر مما يقوم به مفتاح الضوء الشائع: التحول بين وضعي “التشغيل” و”الإيقاف”. ويشار لوضع التشغيل في الترانزستور بالرقم “1”، ولوضع الإيقاف بالرقم “0”. وتقوم الترانزستورات الكثيرة بتوليد الواحدات والأصفار التي تستخدمها الحاسبات للحساب ومعالجة النصوص وتشغيل الأقراص الرقمية DVD وعرض الصور.
ويمكن للترانزستور بمعيار 22 نانومتر التحول بين وضعي التشغيل والإيقاف أكثر من 100 مليار مرة في الثانية الواحدة. وقد يستغرق الأمر نحو 2000 سنة لتحريك مفتاح الضوء بين وضعي التشغيل والإيقاف هذا العدد من المرات!
وينسب اختراع الترانزستور إلى ثلاثة زملاء في “مختبرات بل”: جون باردين، والتر براتين، ويليام شوكلي، والذين فازوا بجائزة نوبل في الكيمياء عن اختراعهم عام 1956. وقد خطر اسم الترانزستور لجون ر. بيرس الباحث في “مختبرات بل” الشهيرة للهواتف. وفي مايو 1948 فاز بتصويت المختبر على الاسم الجذاب للاختراع الذي كان لا يتجاوز عمره ستة أو سبعة أشهر فقط في ذلك الحين. ويجمع الاسم بين كلمتي transconductance (ناقل الشحنة) وvaristor (المقاومة المتغيرة).
روك آند رول
نجح باردين وبراتين ببناء أول ترانزستور ذي تلامس نقطي في ديسمبر 1947، حيث كان التيار في الترانزستور ينتقل على سطح شبه الموصل. ثم يقوم الترانزستور بعد ذلك بتضخيم الإشارة الكهربائية التي مرت عبره. وخلال المرحلة المبكرة من استخدام الترانزستورات، كان التطبيق الرئيسي لها هو تضخيم الإشارة الكهربائية بشكل أكثر كفاءة من استخدام الأنابيب المفرغة الكبيرة والثقيلة التي كانت تستخدم في تلك الأيام.
وبغرض تسريع تطوير الترانزستورات قدر الإمكان، قررت “مختبرات بل” تقديم تقنية الترانزستورات بموجب ترخيص. وقد اشترت الرخصة ست وعشرون شركة من بينها آي بي إم وجنرال إلكتريك، ودفعت كل منها مبلغ 25,000 دولار. ولكي تحقق تقنية الترانزستورات نجاحاً في البيع، كان عليها أن تلفت انتباه الجماهير الواسعة. وهذا ما حصل بالفعل بفضل مذياع الترانزستور. وقد أنتج أول طراز من مذياع الترانزستور في أكتوبر 1954 وكان يضم أربعة ترانزستورات. ويعني هذا المذياع الذي أصبح من وقتها جهازاً محمولاً أن الموسيقى والمعلومات أصبحت متوافرة في كل مكان – حتى بعيداً عن أسماع الكبار المدركين. وبفضل إمكانية حمل المذياع، فقد ولدت ثورة موسيقية جديدة – هي الروك آند رول.
الدارات المتكاملة
في نهاية الخمسينيات، وجد الترانزستور طريقه إلى أجهزة المذياع والهواتف والحواسيب، وعلى الرغم من أن تلك الترانزستورات كانت أصغير بكثير من الأنابيب المفرغة، إلا أنها لم تكن صغيرة بما يكفي لصنع الجيل الجديد من الأجهزة الإلكترونية. لذا، تطلب الأمر تقديم اختراع ثانٍ للتعامل مع القوة الضخمة اللازمة للحسابات الثنائية من خلال الترانزستورات مع جعلها ملائمة للإنتاج بكميات تجارية وبتكلفة دائمة الانخفاض.
وفي العام 1958، اكتشف جاك كيلبي (من شركة تكساس إنسترومنتس) وروبرت نويس (من شركة فيرتشايلد لأشباه الموصلات، والذي أضحى فيما بعد أحد الشركاء المؤسسين لشركة إنتل) كيفية دمج عدد كبير من الترانزستورات في دارة متكاملة واحدة (IC أو رقاقة). وقد مثَّلت هذه الخطوة تقدماً هائلاً إلى الأمام مقارنة بالحالة السابقة والتي كان تجميع المكونات فيها يتم فردياً باليد.
وتملك الرقاقات ميزتين: التكلفة المنخفضة والأداء العالي. وتأتي هاتان الميزتان نتيجة التصغير الهائل في الحجم، والذي أضاف أيضاً فعالية هائلة لعملية الإنتاج. وقد نشر غوردون مور، الذي شارك سنة 1968 بتأسيس شركة الرقاقات العملاقة إنتل مع نويس، توقعاً له في مقال صحفي عام 1965 أصبح يعرف باسم “قانون مور”. وقد تنبأ هذا القانون بأن عدد الترانزستورات في الرقاقة سيتضاعف كل سنتين، وهو ما يزيد بدوره من قوة المعالجة. وقد كانت هذه المكونات صغيرة الحجم كثيرة العدد والمحشورة كلها على سطح صغير العامل الحاسم في اختراع الرقاقة.
صورة المعالج إنتل 4004 (أنتج عام 1971)
وحافظ مصنِّعو الرقاقات على هذا النمو الأسِّي لأكثر من أربعين سنة. وقد حوت أول رقاقة حاسوبية من إنتل والتي تحمل الاسم 4004 وأنتجت عام 1971 ما مجموعه 2,300 ترانزستور. وفي العام 2000، وصل عدد الترانزستورات في المعالج بينتيوم إلى 42 مليون ترانزستور. ويضم المعالج من الجيل الثاني من عائلة المعالجات Intel Core والتي أنتجت في يناير 2011 عدداً يقارب المليار ترانزستور.