أجهزة AI المكتبية الجديدة تعتمد على منصة Arm المتقدمة

تشهد صناعة الذكاء الاصطناعي تحولاً جذريًا، فبعد سنوات من اعتماد تطوير النماذج الضخمة والحوسبة عالية التعقيد على السحابة فقط، تتغير التوقعات بسرعة. فالمطورون يريدون سرعة أكبر في التجارب على مكاتبهم دون انتظارٍ في طوابير السحابة، والمبدعون يحتاجون إلى معالجة فورية، فيما تسعى المؤسسات للتحكم بشكل أفضل في التكاليف وحماية بياناتها الحساسة.

هذه المتطلبات أدّت إلى ظهور جيل جديد من محطات عمل الذكاء الاصطناعي (AI Workstations) القادرة على معالجة نماذج ضخمة مباشرة على الجهاز، وفي قلب هذا التغيير تأتي منصة المعالجات المبنية على Arm.

من نموذج تجريبي إلى منتجات واقعية

في وقت سابق من هذا العام، عرضت NVIDIA مفهومًا جديدًا لمحطات العمل المستقبلية عبر NVIDIA DGX Spark، وهو “كمبيوتر فائق مصغر” يعمل بمعالج Arm ويقدم أداءً يصل إلى بيتافلوب واحد، مع دعم تشغيل نماذج يصل حجمها إلى 200 مليار معلمة، ويمكن مضاعفتها إلى 405 مليارات عند ربط نظامين معًا، وكل ذلك محليًا دون الاعتماد على السحابة.

واليوم أصبح NVIDIA DGX Spark متاحًا تجاريًا، بالتزامن مع إطلاق شركات كبرى لمحطات عمل جديدة تعمل بمعالج NVIDIA GB10 Grace Blackwell Superchip القائم على منصة Arm. ويتميّز هذا المعالج بكثافة حوسبية عالية وقدرة على تشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة ضمن أجهزة مكتبية صغيرة الحجم. وعند الحاجة، يمكن ترقية الأعمال بسلاسة إلى خوادم Arm السحابية المبنية على منصة Grace Blackwell ذاتها.

أبرز خصائص معالج GB10 المبني على Arm

  • معالج بـ 20 نواة يجمع بين Cortex-X925 وCortex-A725 لمعالجة مهام ما قبل وما بعد النمذجة وتنظيم سير العمل، مع تقليل الضغط على وحدة GPU.
  • ذاكرة موحدة مشتركة بين المعالج والبطاقة الرسومية، ما يتيح تشغيل نماذج تصل إلى 200 مليار معلمة محليًا دون عنق زجاجة.
  • توافق كامل مع أدوات NVIDIA وDocker وKubernetes على منصة Arm، مما يتيح للمطورين العمل بالأدوات نفسها المستخدمة على السحابة مباشرة على الجهاز.

دفعة قوية من الشركات المصنعة

تم إطلاق أول موجة من أجهزة DGX Spark عبر عدة شركات عالمية، ومنها:

  • Acer Veriton GN100
  • Asus Ascent GX10
  • Dell Pro Max GB10
  • Gigabyte AI Top Atom
  • HP ZGX Nano
  • Lenovo Thinkstation PGX
  • MSI EdgeXpert
  • إصدار NVIDIA DGX Spark Founder’s Edition

هذه الأجهزة الجديدة تقدم قدرة محلية على تشغيل وتدريب النماذج الضخمة، مع ذاكرة تصل إلى 128GB Unified Memory وأداء يصل إلى بيتافلوب، وهي نقلة هائلة تقلل الاعتماد على البنية السحابية وتُسرّع الابتكار.

تطبيقات متقدمة عبر مختلف القطاعات

تفتح محطات العمل المعتمدة على Arm بابًا جديدًا لتطبيقات الذكاء الاصطناعي على الجهاز:

  • تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي داخليًا داخل المؤسسات بسرية وأمان.
  • اكتشاف الأدوية وتحليل الجينوم والمعالجة الطبية.
  • تدريب نماذج الروبوتات والأنظمة ذاتية التشغيل.
  • تحليل الطاقة والمناخ والنمذجة العلمية.
  • تطبيقات الجرافيكس والإبداع وصناعة المحتوى بالذكاء الاصطناعي.

كما تعمل شركات البرمجيات (ISVs) بالفعل على تحسين منتجاتها لتعمل أصلاً على Arm، مما يعزز جاهزية هذا الجيل الجديد من الأجهزة منذ اليوم الأول.

منظومة تتحرك في اتجاه واحد

ما يحدث ليس مجرد إطلاق منتجات جديدة، بل هو تحوّل شامل في منظومة الذكاء الاصطناعي العالمية:

  • NVIDIA توسع منصة Arm من مراكز البيانات إلى أجهزة سطح المكتب.
  • شركات تصنيع الحواسيب تتبنى معالجات Arm في محطات العمل.
  • مطورو البرمجيات يدعمون التشغيل الأصلي على Arm.
  • ومعمارية Arm توفر البنية الحاسوبية القابلة للتوسع من الجهاز وحتى السحابة.

الرسالة واضحة:

محطات عمل الذكاء الاصطناعي وصلت… وهي تُبنى اليوم على منظومة Arm القوية والمتنامية.

ولم تعد هذه المحطات مجرد خطوة صغيرة في عالم الحوسبة، بل تمثل تحولًا جذريًا في الطريقة التي يُطوَّر بها الذكاء الاصطناعي وتُدار به البيانات وتُشغّل به النماذج العملاقة. فالمطورون والباحثون والمؤسسات باتوا يمتلكون القدرة على تنفيذ المهام التي كانت حكرًا على مراكز البيانات، ولكن هذه المرة، على مكاتبهم، وبشكل مباشر، وبأقل تكلفة، ومع تحكم كامل في خصوصية بياناتهم.

إن الجمع بين قوة معمارية Arm وكفاءة شرائح NVIDIA Grace Blackwell، إضافة إلى التوسع الكبير من قبل شركات تصنيع الحواسيب العالمية، يعكس رؤية موحدة لمستقبل الحوسبة: أداء أعلى، ومرونة أكبر، وتجربة تطوير أسرع بلا قيود.

ومع استمرار توسع الدعم من قبل شركات البرمجيات (ISVs) وموفري الخدمات والتطبيقات الاحترافية، تتشكل أمامنا منظومة متكاملة تتيح تشغيل النماذج، وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي، وتدريب الأنظمة المستقلة “all on device” وبمستوى لم يكن ممكنًا قبل سنوات قليلة.

هذا هو المستقبل الذي تتجه إليه الصناعة:

عالم تُصبح فيه قوة الذكاء الاصطناعي بين يدي كل مطوّر ومبدع ومؤسسة، دون الحاجة إلى انتظار الحوسبة السحابية أو دفع تكاليف ضخمة. عالم تُختصر فيه الدورات التطويرية، وتتحرر فيه الإبداعات، ويُعاد تعريف الإنتاجية.

إنه عصر محطات العمل الذكية ذات الأداء الفائق، والمبنية على Arm، والتي ستدفع حدود الابتكار إلى مستويات جديدة، على المكتب، في المختبر، وفي كل مكان يتولد فيه الإبداع.

Editorial Team

دليلك الى احدث اخبار ومراجعات التقنية بالعربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى