ولكل هذا قررت AMD ان تقدم بديلا فتيا للمكتبة العتيقة ، من أجل الوصول الأفضل والاستغلال الأمثل للذاكرة والمعالج المركزي والرسومي ، ومن أجل زيادة أوامر الرسم وتعقيد الرسوم ، وتقليل أزمان التحميل.. لكل هذا وربما أكثر ظهرت مكتبة Mantle الي الوجود.
وسرعان ما دمجت AMD المكتبة في لعبتي Battlefield 4 و Thief لتكونا الرعيل الأول من الألعاب الداعمة لها ، حصريا وفقط لبطاقاتها والتي ستحصل علي نسبة أعلي من الأداء تحت ادارة مكتبة Mantle مقارنة بمكتبة Direct X.
وهنا ظهر الفارق بين AMD و Intel ، فبينما كانت Intel تنفذ تمردا محدودا لأغراض استعراضية و بهلوانية ، كانت AMD تنفذ انقلابا متكامل الأركان .
لكن في خضم كل هذا ، بدا أن AMD لم تعد تطيق حقا كل أوجه القصور تلك، وقررت أن تصنع بيدها العلاج المناسب .. ربما بدت محاولة AMD أمرا متهورا وعنيفا، لكنها مبررة ومنطقية تماما، فتفسيرات وجود كل جوانب النقص تلك في مكتبة Direct X لن تخرج عن كسل من جانب Mircrosoft أو تعطيل متعمد من جانبها لمنع الحاسب الشخصي من تدمير المنصات رسوميا ، وفي كلتا الحالتين فان الأمر لا يمكن السكوت عنه طويلا بالفعل ، وفي حين تمردت Intel لأجل أمر تافه نسبيا (كشفافية وظلال الدخان) ، فان من حق AMD أن تقلب المنضدة علي رؤوس الجميع لكل الأسباب شديدة الأهمية والتأثير التي ذكرناها سابقا.
ومع ذلك ،و علي الرغم من هذا ، فان مبررات AMD لا تخلو من بعض اللا معقولية أيضا، فالألعاب التي تدعم المكتبة الجديدة لن تستغل كل امكاناتها ، ولن تزيد فيها نسبة الأداء بالقدر الكبير والمؤثر الا اذا تم تصميم اللعبة ، أو المحرك الرسومي من الصفر علي أساس المكتبة الجديدة ، أما اذا اضيف الدعم كمسار ثانوي يتم محاكانه علي قواعد مكتبة Direct X فان نسبة الافادة تكون محدودة.
كما أن الاصرار علي تحدي مكتبة متأصلة الجذور مثل DirectX ، بمكتبة أخري جديدة ، سيجبر AMD علي تقديم تضحيات في معماريات بطاقاتها الرسومية ، فكل بطاقاتها القادمة يجب أن تتوافق مع مكتبة Mantle ، بشكل لا يخل بالتوافقية الرجعية Backward Compatibility مع التطبيقات القديمة الداعمة لها، ولا مع مكتبة Direct X نفسها ، ومن شأن هذا أن يخلق عدة مشكلات لـ AMD سيكون عليهم التفكير في حلها وتجاوزها.
لكن خلاصة الأمر ، فان شركتين من مجموع الثلاثة شركات الفاعلة في عالم الرسوميات ، قررتا أن المكتبة العتيقة لم تعد تجاري متطلبات العصر ، وان تباينتا في رد الفعل وشدته.
لكن الشركة الثالثة لم تكن في الحقيقة بمعزل عن هذا الحدث الجلل ، بل يمكن القول أنها صاحبة الباع الطويل في تخطي وتجاهل مكتبة DirectX، حتي ولو لم تصرح علانية بالحرب عليها أو حتي انتقادها.
قدمت NVIDIA مثالا لهذا في لعبتي Just Cause 2 و Rage ، ففي الأولي (Just Cause 2) قامت بتحسين محاكاة المياه Water Simulation وتأثيرات عمق المكان Depth Of Field عن طريق مكتبة CUDA (الحصرية لبطاقاتها) ، باستخدام اعدادات GPU Water Simulation و Bokeh Filter ، وفي الثانية(Rage) ، قامت بتسريع عملية فك ضغط الاكساءاتTexture Decompression عن طريق نفس المكتبة أيضا باستخدام اعداد GPU Transcode . وفي كلتا الحالتين كانت التأثيرات حصرية فقط لعتاد NVIDIA ، ولم تكن ممكنة التطبيق علي أي عتاد آخر ، وكانت خارج نطاق مكتبة DirectX كذلك. حدث هذا في عامي 2010 و 2011. وقبل أي شركة أخري ، وكان مبرر NVIDIA لسلوكها هذا أن أداء مكتبة CUDA أسرع من DirectX في معالجة هذه المؤثرات ، علي الأقل علي بطاقات الشركة، وهو الأمر الذي لم يقم دليل علي صحته حتي الآن.
وحتي عندما فعلت الشركة هذا مع اللعبتين لم تشر من قريب أو من بعيد الي قصور في مكتبة DirectX أو تحاول النيل منها، بل ان الموقف الرسمي للشركة لا ينتقص من المكتبة علي الاطلاق .
لكن هذا الموقف قد يتغير بين ليلة وضحاها بالطبع ،و طبقا لطموح NVIDIA الذي أظهر تاريخها أنه لا يمانع الفكرة بل علي العكس يعتنقها اذا لزم الأمر .
وهنا ، وبعد استعراض موقف ثلاثي مصنعي العتاد ، يصير من الواضح أن مكانة المكتبة أصبحت علي المحك بالفعل ، فعلي الرغم من فضلها الكبير في تسهيل عمل التطبيقات وادارة الموارد العتادية ، الا إن بطء تطورها ومواكبتها لمتطلبات العصر أجبر مصنعي العتاد أنفسهم علي البحث عن حلول أخري خارج نطاقها ، الأمر الذي أظهر كم تمثل المكتبة من حمل ثقيل بالنسبة لهم.
والحقيقة أن هذا ليس بحال مكتبة DirectX فقط ، بل حال أي مكتبة تتحمل عبأ التنظيم نيابة عن المطور ، فعلي سبيل المثال فان مطوري منصة PlayStation 4 يفضلون التعامل مع المنصة بدون مكتبة GNMX ، (وهي المماثل لمكتبة DirectX علي الحاسب) ، مؤكدين أنها تفرض كلفة عالية علي استهلاك المعالج المركزي للمنصة ، كما تحرمهم من العامل المرن مع المعالج الرسومي.
هذا كان حال GNMX ، فما بالك بحال DirectX وخاصة بعد كل ما قيل وسيقال!
وهذا يفرض علي المكتبة الأعرق والأكبر DirectX واجبات ومسئوليات جمة ، فصناعة الألعاب الشخصية أصبحت علي شفا الانكسار والتشقق، وكل مصنع للعتاد سيحاول الهرب من عبأ دعمها اذا لم تٌحدث من نفسها بالسرعة الكافية لتلائم احتياجات الزمن المتعجلة دوما .. والمشكلة أن كل مصنع يذهب في اتجاه منفصل ليرضي طموحه الخاص وخططه الخاصة .. غير عابئ بتأثير هذا علي صناعة الألعاب وخيارات المستخدمين ، والتي ستتشتت بالطبع وسيحل فيها الحيرة والتخبط .
يجب علي القائمين علي المكتبة أن يظهروا من المرونة القدر الكاف لارضاء طلبات مصنعي العتاد بشكل يحقق الوحدة والشمولية ، بشكل يستعيد مكانة المنصة مرة أخري ، ويجب أن يحدث هذا بسرعة قبل أن ينهار الانسجام الذي تكلفت المكتبة مشقة تحمله لما يقرب من عقدين من الزمان.
يجب أن يحدث هذا في عجالة ، فالمكتبة ستصبح (أو هي أصبحت فعلا) عبأ ، عبأ ثقيلا لم يعد يطيقه أحد ، حتي مصنعي العتاد أنفسهم!