نشرت صحيفة The Atlantic تقريرا، تحدثت من خلاله عن الأزمة التي تمر بها عملة البيتكوين، العملة الرقمية الرائدة والأكثر قيمة على الإطلاق. وأثار تراجع قيمة البيتكوين انتباه المستثمرين، الذين أبدوا آراءهم حول المستقبل الذي ينتظرها.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير إن مصير عملة البيتكوين لطالما كان معروفا في صفوف خبراء الاقتصاد والمحللين والمستثمرين منذ مدة. لكن أحد أوجه القصور التي تتعلق بهذه الفقاعة الاقتصادية يتمثل في أن هناك معلومات محدودة نسبيا حول الأسباب التي ستؤدي إلى انفجار هذه الفقاعة أو متى وكيف سيحصل ذلك.
وأوردت الصحيفة، على لسان وارن بافت، أن حالة من الذعر انتابت مستخدمي العملات المشفرة خلال الأسبوع الماضي. وفي هذا الصدد، أفاد وارن، قائلا: “أنا على يقين بأن هذه العملات المشفرة ستشهد نهاية سيئة. ولكن متى وكيف سيحدث ذلك، فحقيقة لا أعلم شيئا حول هذا الأمر”.
وأشارت الصحيفة إلى انخفاض قيمة البيتكوين إلى نحو 20 بالمئة خلال يوم الثلاثاء، لتستقر عند سعر 12 ألف دولار. من جانب آخر، تكبدت بعض العملات المشفرة الأخرى، على غرار الإيثريوم وريبل، خسائر فادحة. في الأثناء، يبدو السبب وراء تدني سعر البيتكوين واضحا للغاية. فقد ارتفع ثمنها في السابق؛ نتيجة الطلب الهستيري من قبل عدة دول آسيوية، على غرار الصين واليابان وكوريا الجنوبية. وبالتالي، يرتبط تراجع سعر البيتكوين هذه المرة بشكل وثيق بنشاط السوق الآسيوية وتطوراتها.
ونقلت الصحيفة تصريح وزير المالية الكوري الجنوبي، كيم دونج يون، بأن الحكومة تدرس إمكانية وقف جميع المبادلات عن طريق العملات المشفرة، أو إصدار قوانين تتعلق بسوق العملات المشفرة حديثة العهد. من جهتها، اتخذت الحكومة الصينية إجراءات حاسمة بشأن استخدام البيتكوين والعديد من العملات الأخرى. ويعزى ذلك إلى استغلال المواطنين لهذه العملات في غسيل الأموال، والتخلص من ضوابط رأس المال، فضلا عن أن عملية استخراج العملات الجديدة، أو عمليات التنقيب، تتطلب قدرا هائلا من الطاقة. وقد أفاد بعض المحللين بأن الطاقة الموظفة في استخراج البيتكوين تتجاوز الطاقة التي تحتاجها دولة مثل الدنمارك.
وأضافت أن صعود سعر البيتكوين وتراجعه أمر طبيعي ومتوقع، وبالتالي، يجب عدم إيلاء الكثير من الأهمية إلى تذبذب سعرها ليوم واحد فقط. وتجدر الإشارة إلى أن نظام البيتكوين يعتمد على انعدام أي تبعية للحكومات أو البلدان؛ من أجل تفادي أي شكل من أشكال فشل النظام ، في حين يعد ذلك بمثابة مناعة ضد التدخل الحكومي. في المقابل، فشلت البيتكوين مؤخرا على ثلاثة مستويات.
وأوردت الصحيفة، أولا، أن معاملات البيتكوين تتم من خلال الموافقة عليها بواسطة شبكة من الحواسيب، عوضا عن تسييرها من قبل حكومة ما. في الأثناء، يعد سعرها متقلبا للغاية؛ لأن ملكية البيتكوين موحدة إلى حد كبير. وحسب تقديرات موقع بلومبيرغ، يمتلك حوالي 1000 شخص فقط 40 بالمئة من إجمالي البيتكوين حول العالم.
من هذا المنطلق، يعدّ تراجع سعر عملة البيتكوين أمرا واردا للغاية، فبمجرد طرح أحد كبار المستثمرين لنصيبه من عملة البيتكوين، سيتزعزع استقرار السوق بالكامل. عموما، تعدّ التقلبات الجنونية في سعر العملة المشفرة أمرا طبيعيا؛ نظرا لأن التكنولوجيا التي قد تبدو لا مركزية بشكل تام، نظريا، تعدّ في واقع الأمر مركزية للغاية.
وبينت الصحيفة، ثانيا، أن الأسواق الإلكترونية التي يتم من خلالها تبادل عملة البيتكوين تعدّ سببا محتملا للفشل، بل سببا فعليا لتداعي سوق العملات المشفرة. فعلى سبيل المثال، وفي سنة 2014، تعرضت شركة إم تي جوكس للصرافة لسرقة الآلاف من عملات البيتكوين. وفي سنة 2016، شهدت أسعار البيتكوين انخفاضا شديدا بعد إعلان شركة تبادل للعملات في هونغ كونغ عن تعرضها للاختراق. في الوقت الراهن، تدنت أسعار البيتكوين على خلفية التهديدات التي صدرت عن بعض الحكومات بشأن تنظيم المبادلات التي تحدث في آسيا أو إلغائها نهائيا.
وذكرت الصحيفة أن قادة الدول يعتبرون سببا ثالثا للهبوط الأخير في سعر البيتكوين. فعلى الرغم من أن هذه العملة لا تقترن ببنك معين أو جهة حكومية واحدة، إلا أن قيمتها لا تزال مرتبطة بالقرارات التي تتخذها البنوك الكبرى واللوائح التي تقرها الحكومات. وفي هذا الصدد، قام أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، في سنة 2013، بإضفاء طابع قانوني على مبادلات العملات الرقمية المشفرة، ما ساهم في تضاعف سعر البيتكوين ثلاث مرات خلال شهر واحد.
وأوضحت الصحيفة أن سعر البيتكوين تراجع يوم الثلاثاء، بعد مطالبة البنك المركزي الصيني الحكومة بحظر مبادلات العملات الرقمية. وقد يبدو هذا الأمر مثيرا للسخرية، حيث وقع تصميم البيتكوين، لتكون بمنأى عن تدخل الحكومات.
وبينت الصحيفة أن البيتكوين تتأثر كثيرا بالإجراءات التي تتخذها العديد من البلدان. فضلا عن ذلك، يعد نمو اقتصاد البلدان وتدهوره عاملا فاصلا فيما يتعلق بتذبذب سعر البيتكوين.
وفي الختام، أقرت الصحيفة بأن العديد من الدول، على غرار اليابان والولايات المتحدة الأمريكية والصين، تشهد نموا اقتصاديا هاما. ومن هذا المنطلق، قد تمثل البيتكوين تكنولوجيا المستقبل، لكن الواقع يفيد بأن لا دور لتلعبه في خضم الاقتصاد العالمي الحالي.