ثانيا: توليد الوهم :
رأينا كيف أن الصوت هو مجرد اهتزاز للهواء ، وكيف أن :
1 – سرعة اهتزاز الهواء هي ما يحدد نوع النغمة التي نسمعها ، فالاهتزازات السريعة مثلا تولد نغمات حادة ، والاهتزازت البطيئة تولد نغمات غليظة .
2 – كمية الهواء المهتز هي ما يحدد علو الصوت الذي نسمعه ، فالصوت العالي مثلا يهزّ كمية أكبر من الهواء ، والصوت المنخفض يولّد يهز كمية اقل .
والتوافيق والتباديل بين هذه الخصائص الأربع (سريع-بطئ-عال-منخفض) هي ما يكون لعقلنا النغمات المختلفة التي نسمعها باستمرار .
لهذا فلكي نقوم بتصميم جهاز ما لتوليد الصوت ، فانه يصبح من الأهمية بمكان أن يحتوي هذا الجهاز علي القدرة علي استخدام هذه الخصائص الأربع في توليد الصوت .
الذين قرأوا الجزء الأول ، يعلمون أن السماعة تحتوي علي غشاء رقيق قابل للاهتزاز ، وعندما تتسلّم السماعة نبضات كهربية فان الغشاء يهتزّ مع كل نبضة .
في كل هزة يجب علي السمّاعة أن تحدد اذا كانت هذه الهزة ستكون سريعة أم بطيئة ، قويّة أم ضعيفة ، أي يجب عليها أن تختار من الخصائص الأربعة السابقين .
اذا تسلّمت السماعة عددا كبيرا من نبضات التيار في الثانية الواحدة ، فانها تقوم بقدر مماثل من الاهتزازات ، لذا يكون عدد الاهتزازات كبيرا (اهتزاز سريع) ، واذا تسلمت عددا أقل من النبضات كان عدد الاهتزازت قليلا (اهتزاز بطئ).
مثال : اذا تسلّمت السماعة 200 نبضة كهربية في الثانية.. فانها تهتز 200 مرة في الثانية الواحدة ، مولدة صوتا معيّنا ، واذا تسلمت 100 نبضة ، فانها تهتز 100 مرة في الثانية مولدة صوتا مختلفا .
تهتز السماعة عند استلام النبضات الكهربية ، وتهز من حولها ذرات الهواء ، فيتولّد الصوت ..
وفي عصر الالكترونيات ، فانني سأفترض أن الجميع يعلم أن التيار الكهربي يتولّد عن طريق تكوين فرق جهد(فولت).
بتحديد قيمة فرق الجهد ، ستستطيع السماعة تحديد شدة التيار ، وبالتالي قوة الاهتزاز ، فالتيار ذو الشدة العالية يولد اهتزازا قويا ، وبالتالي صوتا عاليا ، والتيار ذي الشدة المنخفضة يولد اهتزازا ضعيفا ، وبالتالي صوتا منخفضا .
اذن هكذا ستستطيع السماعة تحديد الخصائص الأربعة :
1 – عدد نبضات التيار في الثانية ستحدد سرعة اهتزاز السماعة (سريع/بطئ/متوسط ..الخ) ، وسيتم ارسال هذه النبضات من الحاسوب .
هذه النقطة سهلة التنفيذ للغاية ، حيث يتم ارسال نبضات كهربية (واحدات) من الحاسوب (الذاكرة) الي السماعة نبضةً نبضةً ، وبسرعة معينة ، مثلا 50 نبضة في الثانية ، وهنا تهتز السماعة 50 مرة في الثانية ، ونسمع نحن صوت هذا الاهتزاز (راجع الجزء الأول) ، وكأن كلّ نبضة هي صاروخ موجّه يحمل أمرا للسماعة بالاهتزاز .
2 – لكننا نحتاج الي تحديد شدّة تيار كل نبضة والتي ستحدد قوة اهتزاز السماعة (قوي/ضعيف/متوسط ..الخ) . وسُيحدد شدة التيار قيمة فرق الجهد (الفولت) .
هذه النقطة صعبة التنفيذ للغاية ، لأن قيمة فرق الجهد ذات تنوّع كبير ، فللحصول علي اهتزاز قوي جدا ، يأخذ فرق الجهد قيمة 99 فولت مثلا ، وللحصول علي اهتزاز أضعف قليلا ، يكون فرق الجهد95 ، وللحصول علي اهتزاز أضعف يكون الجهد 92 ، وللحصول علي اهتزاز أضعف و أضعف واضعف تكون القيمة 91 و 89 و 82 .. وهكذا تنازليا حتي نحصل علي أضعف اهتزاز ممكن ، ويكون هذا ذو قيمة 1 مثلا.
وبمعني آخر ، يحتاج الاهتزاز القوي الي فرق جهد مرتفع ، يكفي لارسال نبضة قوية (ذات شدة تيار عال) ، والعكس مع الاهتزاز الضعيف ، والذي يحتاج اليفرق جهد منخفض يكفي لارسال نبضة ضعيفة (ذات شدة تيار منخفضة) .
كيف يمكن تمثيل كل قيم فروق الجهد المتباينة هذه ؟ ان مجرد ارسال نبضات كهربية فردية لن يكفي لتمثيل أي قيمة منهم ، فكل نبضات الحاسوب متشابهة في الشدة الكهربية ، ولا توجد أي فروق بينها ، ولهذا لن تستطيع السماعة تحديد شدة الاهتزاز . فكيف يمكن لأي نبضة أن تحمل أمرا بالاهتزاز و أمرا آخر بتحديد قوة الاهتزاز في نفس الوقت ؟ والنبضة هي كينونة فردية أحادية البُعد ؟
والحل المباشر لهذه المشكلة يكون في جعل كل نبضة تخرج من الحاسوب هي نبضة ذات خاصية مميزة ، ذات ذاتية مستقلة ، تختلف عن النبضات الأخري .
كيف نجعل كل نبضة مختلفة عن الأخري ؟