جيجابايت تُعلن بداية عصر الذكاء الاصطناعي الشخصي في حدث LEADING EDGE

في قلب العاصمة التايوانية تايبيه، وتحديدًا ضمن فعاليات اليوم الأول من معرض COMPUTEX 2025، اختارت شركة جيجابايت أن تسجّل حضورها بقوة عبر فعالية ضخمة بعنوان LEADING EDGE، كانت بمثابة منصة لإطلاق رؤيتها الثورية لمستقبل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الواقعية. لم يكن هذا العرض مجرد استعراض تقني عابر، بل كان بيان نوايا صريح من الشركة بأنها تتحول تدريجيًا من كونها مُصنّعًا تقليديًا للمكونات إلى شركة تكنولوجية متكاملة ترتكز رؤيتها على الذكاء الاصطناعي كركيزة أساسية.

شهد الحدث الذي امتلأت قاعته بالإعلاميين والمحللين والتقنيين من مختلف أنحاء العالم، عرضًا شاملاً لما تعتبره جيجابايت الخطوة التالية في تطور الحوسبة الشخصية والمهنية، من خلال دمج الذكاء الاصطناعي المحلي (Edge AI) بشكل عميق في أجهزتها، برمجياتها، ومنظوماتها البيئية المتكاملة. فمنذ إعلانها الجريء في عام 2024 بأنها “شركة ذكاء اصطناعي أولًا” من خلال مبادرة AI TOP، واصلت الشركة طريقها بثبات لتُثبت هذا التوجه بمبادرات حقيقية، أجهزة واقعية، ومنصة برمجية متكاملة تُقرّب قدرات الذكاء الاصطناعي من المستخدم النهائي، بعيدًا عن الاعتماد المطلق على السحابة.

ولم تكتفِ جيجابايت بعرض تقنيات مخصصة للاستخدام المؤسسي أو الصناعي فقط، بل جعلت محور تركيزها هذا العام هو المستخدم العادي—سواء كان لاعبًا متعطشًا لأداء فائق، أو مبدع محتوى يحتاج لتسريع سير العمل، أو محترفًا يعمل في قطاعات تتطلب معالجة ذكية وفورية للبيانات. كل ذلك تحت شعار “الذكاء الاصطناعي المحلي في متناول الجميع”.

عصر جديد من الذكاء الاصطناعي المحلي – Edge AI

بدأت الفعالية برسائل قوية من كبار التنفيذيين في جيجابايت، ركزوا خلالها على أن مستقبل الذكاء الاصطناعي يكمن في نقله من الحوسبة السحابية إلى الأجهزة نفسها. فالمعالجة المحلية، وتقليل زمن الاستجابة، وحماية خصوصية البيانات لم تعد مجرد ميزات اختيارية، بل أصبحت متطلبات أساسية. وهنا تتدخل جيجابايت بمجموعة من الأجهزة المصممة خصيصًا لهذا التحول.

من أبرز ما تم الكشف عنه، كان AORUS RTX 5090 AI BOX، الذي تصفه جيجابايت بأنه أسرع وحدة معالجة رسوميات خارجية (eGPU) في العالم. هذه الوحدة لا تقتصر على تشغيل الألعاب أو تسريع الرسوميات، بل تُعد منصة متكاملة لتوليد المحتوى بالذكاء الاصطناعي، تعديل الفيديو، عرض المشاهد ثلاثية الأبعاد، بل وتشغيل النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) محليًا على أجهزة محمولة أو مكتبية صغيرة. وتزعم الشركة أن هذه الوحدة توفر أداءً يزيد بمقدار 3.1x مقارنة بالجيل السابق، مع خسارة شبه معدومة مقارنة بالبطاقات الداخلية.

إلى جانبها، كشفت جيجابايت عن AI TOP ATOM، وهو حاسوب مكتبي مصغر فائق القوة يعمل بشريحة Grace Blackwell Superchip من NVIDIA. ويستهدف هذا الجهاز المستخدمين المحترفين الذين يحتاجون إلى تدريب أو تشغيل نماذج ضخمة محليًا. وبدعم يصل إلى 405 مليار معامل من خلال التجميع العنقودي، يعد هذا الجهاز أقوى ما قدمته جيجابايت على الإطلاق في مجال الذكاء الاصطناعي.

البرمجيات الذكية: جيجابايت تقدّم ذكاء يفكر كما تفكر أنت

لكن العتاد لم يكن سوى نصف القصة. فقد أعلنت جيجابايت كذلك عن الإصدار الجديد من منصتها AI TOP Utility 4.0، وهي بيئة متكاملة لتدريب النماذج وتوزيعها وضغطها، تتيح للمستخدمين في قطاعات مثل الصحة والصناعة والأعمال استخدام قوالب بدون كود (No-code) لتطبيق الذكاء الاصطناعي بسرعة وكفاءة.

إضافة إلى ذلك، طرحت الشركة مساعدًا ذكائيًا جديدًا يحمل اسم GiMATE، مدمج مباشرة في حواسيبها المحمولة. يعمل GiMATE محليًا وبشكل ذكي وفقًا للسياق، فيضبط الأداء والحماية وتجربة الاستخدام وفقًا لأوامر صوتية أو نمط الاستخدام. كما قدمت الشركة إصدارات مخصصة مثل GiMATE Creator وGiMATE Coder، تستهدف المستخدمين المحترفين والمبدعين الذين يبحثون عن أدوات ذكاء اصطناعي متكاملة دون عناء التنقل بين تطبيقات متعددة.

حاسبات محمولة جديدة… بتصميم جديد ورسالة جديدة

شهد الحدث أيضًا الكشف عن سلسلة جديدة من الحواسيب المحمولة المخصصة للألعاب وصناعة المحتوى، مثل GAMING A16 PRO وGAMING A18، إلى جانب الجهاز فائق النحافة AERO X16. وتأتي هذه الأجهزة مزودة ببطاقات RTX 5090 للابتوب، بطاقة حرارية تصل إلى 270 واط بفضل نظام التبريد المتطور INFINTY EX. أما الإصدارات المزودة بمعالجات AMD، فتدعم كذلك تسريع النماذج اللغوية الكبيرة باستخدام تقنيات Ryzen AI.

رسالة جيجابايت كانت واضحة: الذكاء الاصطناعي لم يعد ميزة فاخرة، بل أصبح هو المعيار الجديد.

شاشات أذكى ولوحات رئيسية أكثر جاهزية للذكاء الاصطناعي

الشاشات أيضًا نالت نصيبها من الذكاء الاصطناعي، حيث أضافت جيجابايت مزايا مثل AI Tactical Mode وAI Crosshair وSmart OD، والتي تعدّل تلقائيًا جودة الصورة وسرعة الاستجابة بحسب سيناريو اللعب. أما شاشات OLED فقد حظيت بميزات حماية فورية للبكسلات ومنع الاحتراق، مدعومة بضمان لمدة 3 سنوات.

وعلى صعيد اللوحات الرئيسية، كشفت جيجابايت عن سلسلة X870 X3D التي توفّر أداءً متكيفًا باستخدام تقنية X3D Turbo Mode 2، مع تحسن في الأداء يصل إلى 35% دون الحاجة إلى ضبط يدوي. ولم تنس الشركة مستخدمي إنتل، فقد أطلقت لوحات Z890 بميزة Ultra Turbo Mode التي تدفع سرعات DDR5 إلى مستويات غير مسبوقة.

كما شهدت فعالية LEADING EDGE عودة منظومة STEALTH ICE بتصميمها الأبيض الأنيق، والتي تضم لوحات، بطاقات رسومية، وهياكل متكاملة لكابلات مخفية وتبريد محكم، في سبيل إنشاء تجميعات نظيفة وأنيقة دون تنازلات.

مستقبل الذكاء الاصطناعي يبدأ من هنا… ومن جيجابايت

مع ختام فعالية LEADING EDGE لهذا العام، بات من الواضح أن جيجابايت لم تأتِ إلى معرض COMPUTEX 2025 لتستعرض منتجات جديدة فحسب، بل لتُعيد رسم ملامح مستقبل الحوسبة الشخصية والمهنية في ظل التحول المتسارع نحو الذكاء الاصطناعي المحلي. الشركة لم تطرح مجرد أجهزة ذات مواصفات قوية، بل قدمت منظومة متكاملة من العتاد والبرمجيات تهدف إلى تسهيل تبني الذكاء الاصطناعي من قبل جميع فئات المستخدمين، بدءًا من اللاعبين والمبدعين، وصولاً إلى المهندسين والمطورين ورواد الأعمال.

فمن خلال منصات مثل AI TOP Utility 4.0، ومساعد GiMATE المدمج في الحواسيب المحمولة، ووحدات AI BOX وAI TOP ATOM الخارقة، أرادت جيجابايت أن توصل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي لم يعد حكرًا على مراكز البيانات أو مؤسسات التقنية العملاقة. بل أصبح بالإمكان تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة وتخصيصها محليًا، دون التضحية بالخصوصية أو الانتظار في طوابير السحابة.

ما يُميز هذا التوجه من جيجابايت هو جرأته ووضوح رؤيته؛ فهي لا تطرح فكرة “الذكاء الاصطناعي المحلي” كشعار تسويقي، بل كواقع فعلي مدعوم بابتكارات عملية ومبنية على شراكات عميقة مع عمالقة التقنية مثل NVIDIA وAMD. واللافت في الأمر، أن هذه الاستراتيجية لا تُقصي أحدًا؛ فقد شملت دعمًا متكاملًا لمنصات Intel وAMD على حد سواء، كما راعت فئات المستخدمين المختلفة من حيث الأداء، الحجم، السعر، وسهولة الاستخدام.

من وجهة نظرنا في عرب اوفركلوكرز، فإن جيجابايت لا تُنافس على سوق الذكاء الاصطناعي فحسب، بل تُمهّد الطريق لنمط استخدام جديد كليًا، حيث يصبح المستخدم هو “مركز الذكاء”، وليس مجرد طرف متلقٍ من البنية السحابية. وفي ظل كل هذا الزخم، يمكننا القول إن COMPUTEX 2025 سيكون نقطة تحول محورية في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي، وأن جيجابايت كانت، وبلا شك، في طليعة هذا التحول.

الذكاء الاصطناعي الشخصي بدأ بالفعل، وجيجابايت تقدّمه لنا بأيدينا.

محمد رمزي

مؤسس الموقع ورئيس التحرير، مؤمن بأهمية التكنولوجيا في تطوير المجتمع، متابع باهتمام تطور الذكاء الاصطناعي والتطور الكبير في مجالي الحوسبة والتخزين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى