قدّم عام 2016 الكثير من الانجازات التقنية، من بينها بدء انتشار تقنيات الواقع الافتراضي في المنازل، وإطلاق الكثير من الهواتف الجوالة المبتكرة في مجالات التصوير والبطارية، وأجهزة ألعاب تجلب الدقة والاداء الفائق إلى شاشات اللاعبين، مع إطلاق تطبيقات أشعلت ثورة بين المستخدمين من بينها لعبتي Pokemon Go و Super Mario Run وولادة الحواسب ذاتية الحوار، وإطلاق نظارات أنيقة لتصوير لقطات Snapchat بضغطة زر واحدة. ولكن العام كان كذلك قاسيا على بعض شركات التقنية، ومن بينها Samsung التي تأثرت بسلسلة انفجارات مجهولة السبب في هاتف “Galaxy Note 7″، مع تراجع أرباح Twitter وقرصنة رقمية على خوادم Yahoo أثرت على نحو مليار مستخدم.
هواتف ذكية
تعتبر مشكلة انفجار هواتف “Galaxy Note 7” الأبرز في عام 2016، حيث عانت الشركة من عدم معرفتها لأسباب المشكلة حتى بعد استرجاع الأجهزة وإعادة طرحها في الأسواق مرة أخرى، الأمر الذي نجم عنه استرجاع كامل وإيقاف البيع عالميًا وإطلاق تحديث برمجي يوقف عمل وظائف الهاتف، وذلك حتى لا يستخدمه أي شخص لم يقم بارجاع الهاتف للشركة، بهدف حمايته من الخطر. ويتوقع كثير من الخبراء أن تبذل الشركة جهودا مضاعفة لضمان جودة المنتج المقبل في السلسلة، من بينها توريد صناعة البطاريات إلى واحدة من كبرى الشركات في هذا القطاع، حتى لو كانت شركة منافسة. وبالعكس فأن جهازي “Galaxy S7” و “S7 Edge” قدما تجربة مختلفة، حيث كانا من أفضل الهواتف التي أطلقتها الشركة إلى الآن من حيث التصميم والمواصفات التقنية والأداء والوظائف.
ومن جهتها أطلقت Apple هاتفي “iPhone 7” و “iPhone 7 Plus” اللذان تخليا عن منفذ سماعات الرأس مقأبل سماعات لاسلكية أطلقتها الشركة بعد أشهر من إطلاق الهواتف في الأسواق. ويقدم إصدار “iPhone 7 Plus” كاميرتين خلفيتين لإلتقاط الصور وتقريبها بشكل أفضل، مع مقاومتهما للمياه والغبار لحماية المكونات الداخلية. ولوحظ أن Apple اعتمدت على شركات أخرى في مؤتمر الكشف عن جهازيها، من بينها Nintendo التي كشفت عن لعبة Super Mario Run.
وفاجأت Google العالم التقني بإطلاقها هاتفين جديدين من تصميمها تحت الاسم الجديد Pixel ينافسان iPhone من حيث المواصفات والسعر، بالإضافة إلى الكشف عن بيئة متكاملة للذكاء الصناعي من خلال أجهزة منزلية مختلفة تقدم خدمات كثيرة للمستخدم من خلال مساعدها الشخصي الذكي الذي يتفاعل صوتيًا مع المستخدم. وتشمل التقنيات الجديدة سماعة ذكية متصلة بالإنترنت للإجابة على أسئلة المستخدم وتشغيل الموسيقى، ووحدة WiFi ذكية لتقديم أفضل اتصال بالإنترنت للأجهزة المتصلة بها وفقًا لآلية الاستخدام، ونقطة ربط لاسلكية بين الهواتف الجوالة والتلفزيونات الحديثة.
وتستمر شركة Huawei بتقديم أجهزة مبتكرة من شأنها زيادة حصتها السوقية وجعلها تقترب من الإطاحة بحصة شركة Apple، لتصبح في المركز الثاني عالميًا بعد Samsung، حيث أبرمت شراكات مع عدة شركات نجم عنها تطوير مستويات التصوير والتصميم في أجهزة الشركة، مثل الشراكة مع Leica الألمانية المتخصصة بصناعة وتطوير نظم عدسات التصوير، وشركة Porsche Design الألمانية كذلك المتخصصة بتطوير تصاميم الهواتف الجوالة. ومن الأجهزة المميزة التي أطلقتها الشركة هاتف Mate 9 الذي يعتبر من أفضل الهواتف الذكية التي أطلقت في العام 2016 من حيث المواصفات التقنية والأداء والتصميم بكاميرتين خلفيتين لالتقاط أفضل التفاصيل والألوان ودمجهما ببعض في صورة واحد، بالإضافة إلى هاتف P9 الذي يعتبر أول جهاز يُطلق الشراكة مع Leica، بالإضافة إلى هاتف Honor 8 الذي يقدم مواصفات متقدمة في تصميم جميل جدا ومبهر وبسعر منخفض مقارنة بالأجهزة الأخرى. كما وأطلقت الشركة ساعات رقمية راقية للسيدات مرصعة بكريستالات جميلة وملونة من شركة Swarovski، بالإضافة إلى إطلاق ساعات رقمية فاخرة للرجال. وشهدنا في هذا العام انسحاب شركة BlackBerry من تصنيع الهواتف الجوالة بعد عدم نجاح أجهزتها التي تعمل بنظام التشغيل BlackBerry، واستمرار انعدام النجاح حتى بعد الانتقال إلى نظام Android، لتكتفي بتصنيع برمجيات المؤسسات والآليات وترخيص استخدام اسم BlackBerry في الهواتف الجوالة لشركات أخرى.
وأطلقت Sony هاتف Xperia XZ المتقدم بتصميمه الجديد والجميل، والذي يتميز بأنه هاتف تصويري بامتياز يضاهي أداء مجموعة من أفضل كاميرات التصوير الرقمية الموجودة في الأسواق، وذلك بفضل استخدام 3 مستشعرات متخصصة أثناء التقاط الصور، الأمر الذي يرفع من جودتها بشكل كبير وفي جميع الظروف. المستشعر الأول يركز على التقاط الصور بألوان غنية والتنبؤ وتتبع حركة العناصر في الصورة وتعديل التركيز ليبقي عليها أثناء تحركها، الأمر الذي ينجم عنه صور بغاية الوضوح والجمال في جميع الظروف.
ويستخدم المستشعر الثاني الليزر لالتقاط الصور بوضوح كبير في ظروف الإضاءة الخافتة، بينما يعمل المستشعر الثالث لضبط دقة توازن اللون الأبيض وفقًا لمصدر الضوء المنبثق من البيئة المحيطة.
حواسب ونظارات
ومن جهتها أطلقت مايكروسوفت جهاز Microsoft Surface Pro 4 اللوحي الذي يقدم مستويات أداء عالية جدا في تصميم مريح جدا للاستخدام، وتوفير نظام التشغيل “ويندوز 10” للعمل لتوافق أفضل مع البرامج المكتبية والمحمولة، بالإضافة إلى سهولة التنقل بين الجهاز والأجهزة الأخرى بسبب دعم تقنية التخزين السحابي آليا، ليكمل المستخدم عمله من أي جهاز متصل بالإنترنت ومن النقطة نفسها التي توقف عندها.
وأطلقت الشركة بعد ذلك جهاز مايكروسوفت Surface Studio المكتبي الذي يقدم جهاز حاسب مدمج داخل شاشة كبيرة يمكن تغيير زاوية ميلها لتناسب نوع عمل المستخدم، مع تقديم مستويات أداء عالية جدا في وضوح مبهر. وأطلقت الشركة ملحقا صغيرا على شكل مؤشر دائري يوضع فوق شاشة Surface Studio يسمح للمستخدم تعديل خصائص ما يرغب، مثل درجة الألوان أو سماكة فرشاة الرسم أو شدة ارتفاع الصوت أو تقريب الصورة، وغيرها، الأمر الذي يفتح آفاقًا جديدة مبتكرة لإنجاز المزيد من الأعمال.
كما وأطلقت Snap المالكة لتطبيق Snapchat نظارة Spectacles التي تعتبر نظارة شمسية جميلة تحتوي على كاميرتين جانبيتين يمكن تفعيلهما بمجرد الضغط على زر جانبي مخفي، لتقوما بتصوير ما يجري حول المستخدم أثناء ارتداء النظارة في تسجيلات قصيرة وتنقلها إلى هاتفه لاسلكيا، الأمر الذي يسهل عملية التصوير والتنقل ومشاركة ما يجري من حول المستخدم. ويستطيع المشاهد تغيير زاوية عرض الصورة بإمالة هاتفه على شكل دائرة في الهواء، مع الحصول على زوايا رؤية جديدة، وهي ميزة خاصة بالنظارة. وتباع النظارة حاليا في الولايات المتحدة بسعر 129 دولارا.
الواقع الافتراضي
ومثّل هذا العام تجسيد الواقع الافتراضي للجميع، حيث أطلقت 3 نظارات رئيسية للواقع الافتراضي، هي Playstation VR و HTC Vive و Oculus Rift، والتي تقدم تجربة استخدام متقدمة بسعر معتدل إلى مرتفع قليلا. وتمثل هذه النظارات الخطوة الأولى نحو انتشار الواقع الافتراضي بين المستخدمين على نطاق تجاري، ولا تزال الألعاب التي تقدمها متواضعة بعد الشيء، إلى حين دعم كبرى شركات برمجة الألعاب لهذه التقنية وتقدم تجارب مبهرة.
كما أطلقت Nvidia الجيل الجديد من بطاقتها الرسومية وعلى رأسها بطاقة GeForce GTX 1080 للحواسب الشخصية التي تقدم مستويات أداء غير مسبوقة في عالم الألعاب الإلكترونية، والتي تعتبر ضرورية لتشغيل تطبيقات وألعاب الواقع الافتراضي في أفضل صورة ممكنة، مع إطلاق بطاقات أقل من حيث المواصفات التقنية والسعر، ولكنها لا تزال تستطيع تشغيل برامج هذه التقنية.
وشاهدنا إطلاق Google لمنصة Daydream الخاصة بتقنية الواقع الافتراضي، والتي يفترض أن تطور من تجربة برمجة الألعاب وتقدم ألعابًا وتطبيقات أفضل من السابق على الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل Android. وتقدم المنصة الأدوات البرمجية اللازمة للمطورين وداخل الهواتف التي تدعمها، مع توفير نظارات تقدم تجربة عرض واقعية.
تقنيات متنوعة
وأطلقت «سوني» أجهزة الألعاب PlayStation 4 Pro و PlayStation 4 Slim بسمك اقل من الاصدار الاول مع اداء اعلى، مع إطلاق مايكروسوفت جهاز Xbox One S المطور، والتي تقدم جميعا تجارب مطورة للاعبين من حيث مستويات الأداء والرسومات والألوان، الأمر الذي قد يشكل نقطة تحول في تاريخ أجيال أجهزة الألعاب الإلكترونية التي أصبح من الممكن ترقيتها تدريجيًا كل بضعة أعوام عوضًا عن الحصول على جيل جديد كليا كل 8 إلى 9 أعوام.
وبالحديث عن عالم الألعاب الإلكترونية، توقفت Nintendo عن بيع جهازها Wii U بعد مبيعات مخيبة للآمال، وذلك بسبب مواصفاته التقنية المتدنية مقارنة بالأجهزة المنافسة Xbox One و PlayStation 4 وعدم دعم الشركات المطورة للألعاب له بشكل مقنع، الأمر الذي أجبر الشركة على الكشف عن جهاز Switch الذي يمكن وصله بشاشة التلفزيون للعب أو حمله مع المستخدم. ولم تكشف الشركة عن الكثير من التفاصيل حوله، وقررت ترك الجماهير تنتظر إلى منتصف شهر يناير المقبل لتطلعهم على المزيد من مواصفات الجهاز وقدراته.
ولتتعافى الشركة من الخسائر المالية جراء إيقاف تصنيع جهاز Wii U قبل أوانه، طورت Nintendo لعبة Super Mario Run على الهواتف الجوالة، والتي يمكن اللعب بها بيد واحدة للتحكم بقفزات الشخصية الرئيسية، ذلك أنها تسير من تلقاء نفسها. وحصلت اللعبة على نحو 5 ملايين عملية تحميل في اليوم الأول لإطلاقها في متجر iTunes الإلكتروني، و 37 مليون عملية تحميل خلال أول 72 ساعة، مع احتلالها لصدارة قوائم التحميل في 60 بلدًا. وستُطلق اللعبة على الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل آندرويد خلال عام 2017.
ونذكر كذلك الحمى الرقمية التي اجتاحت العالم لدى إطلاق لعبة Pokemon Go على الهواتف الجوالة التي تم تحميلها أكثر من 10 ملايين مرة وحققت أرباحا صافية فاقت 200 مليون دولار خلال الشهر الأول من إطلاقها في يوليو الماضي. وتسببت هذه اللعبة بسير اللاعبين في الطرق دون الانتباه لما يجري حولهم، ذلك أنهم يبحثون عن كائنات الـPokemon المخفية حولهم من خلال هاتفهم الجوال، الأمر الذي تسبب بإصابة الكثير منهم بحوادث جسدية.
كما شهدنا كذلك تمثيل الزي الإسلامي للسيدات في عالم الرسوم التعبيرية Emoji بإرسال فتاة سعودية تبلغ من العمر 15 عاما طلبا رسميا إلى المنظمة العالمية اللاربحية المسؤولة عن المعايير المختصة The Unicode Consortium عبر لجنة خاصة، والتي يتوقع أن تضيف الرسم التعبيري في عام 2017.
وشهد عام 2016 وضع مايكروسوفت أسس جديدة لآفاق التقنية المقبلة، تتمثل بإطلاق منصة برمجية لتطوير حواسب ذاتية الحوار مع المستخدم تسمى Bot. وتستطيع هذه البرمجيات فهم اللغة البشرية ومعانيها، وتحويلها إلى أوامر والرد على المستخدم، الأمر الذي يجعل الآلات تتكامل معنا في حياتنا اليومية لرفع الكفاءة بشكل كبير، مع خفض الأخطاء البشرية، ليصبح الكومبيوتر محاورًا رقميًا يقارب البشر.