أتي تصميم المنصات الحالي بناءا علي عوامل محددة ، كان أولها ، أن المنصة يجب أن تكون لها القدرة علي تشغيل تطبيقات متنوعة ، وليس فقط الألعاب ، مما يعني أن معمارية PowerPC خارج الصورة ، لأن تنوعها التطبيقي ليس كافيا فهي محصورة فقط في سوق الخوادم Servers ، ومنصات الجيل السابق ، ومقارنة بمعماريتي X86 و ARM من جهة وفرة التطبيقات وتنوعها وسهولة التلقين ، فانها تبدو قزما في مواجهة عملاقين.
ثاني العوامل كان هو الأداء وحجم الذاكرة ، وهنا أصبحت معمارية ARM خارج الصورة ، فهي لا تستطيع منافسة X86 لا في قوة الأداء ، ولا في دعمها لامتداد 64 بت ، الذي يسمح بدعم أحجام ذواكر أكبر من 4 جيجابايت ، لتصير الخيارات محصورة فقط في معمارية X86 ، وشركاتها الملٌحفة مثل Intel و NVIDIA و AMD .
ثالث العوامل كان مقدار الدمج بين المعالج الرسومي والمركزي ، فالمنصات احتاجت لتصغير حجم العتاد ليلاءم متطلبات الأجهزة المنزلية ، من الخرج الحراري المحدود ، ومعدل الضوضاء المنعدم ، واستهلاك الطاقة المنخفض ..الخ ، وكانت AMD الشركة الأكثر خبرة في دمج المعالجين الرسومي والمركزي علي شريحة واحدة والتي أطلقت عليها اسم المٌسرعات APUs ، اضافة الي مهارتها الممتازة في صناعة المعالجات الرسومية ، لذا وقع الاختيار علي AMD ، وتم استبعاد NVIDIA و Intel .
وهنا نستطيع أن نري كيف حاولت المنصات الاقتراب من الحاسب الشخصي ومحاولة محاكاته في قدرته علي تشغيل باقة هائلة من التطبيقات ، وكيف أثر هذا علي الاختيارات العتادية للمنصات ، قارن هذا باختيارات منصات الجيل السابق ، التي اقتصرت علي معمارية PowerPC بمعالجات مركزية من شركة IBM ، و AMD و NVIDIA للمعالجات الرسومية ، الآن تغير هذا تماما الي معمارية X86 و AMD .
ثم كانت منصة PS4 صاحبة الحظ الأوفر من جهة قدراتها العتادية ، فاختارت ذواكر GDDR5 ، ومعالجا رسوميا قويا يقارب معالج HD 7850 .. بينما تعثرت منصة Xbox One ، فاختارت ذواكر DDR3 ومعالجا رسوميا أضعف يقارب معالج HD 7770 .
وبسبب قوة منصة PS4 ، فانها ستستطيع تقديم تجربة بصرية أفضل من Xbox One بشكل ملحوظ ، وللمطورين حرية اختيار كيف تكون هذه التجربة ، هل باعدادات رسومية أعلي ، أم بلعب أكثر سلاسة نتيجة عدد الاطارات الأكثر ، وان كان الأرجح أن الأخيرة ستكون هي الغالبة .
المؤكد أن منصة PS4 ستكون منصة التطوير الرئيسية لكثير من الألعاب ، بفضل قوتها ، وهذا علي العكس من جيل المنصات السابق ، حيث كانت منصة Xbox360 هي المنصة الرئيسية للتطوير بفضل سهولة تصميم الألعاب عليها ، وقد كان هذا واضحا في المئات من ألعاب الحاسب الشخصي التي لم تكن تستهلك أكثر من ثلاثة أنوية من المعالج المركزي ، بسبب أن هذه الألعاب مشتقة من اصدارات منصة X360 والتي بها معالج ثلاثي النواة أيضا .
أما الآن وبعد أن تساوت سهولة التطوير بين المنصتين ، لاعتمادهما معا علي معمارية X86 و تصميمات AMD ، فان المنصة الأقوي سيكون لها الغلبة ، وقد كان بالفعل لـ PS4 .
الحاسب الشخصي PC سيناله من الحب جانب أيضا ، بل إن عددا لا يستهان به من دور التطوير أعلن أن منصة التصميم الرئيسية لألعابه ستكون الحاسب الشخصي PC ، وقد ظهر هذا كأوضح ما يكون في معرض E3 لعام 2013 ، عندما عرضت معظم الألعاب علي حواسب شخصية بالفعل ، وذكر المطورون أن نسخة الحاسب سيشتق منها نسخ المنصات الأخري ، وذلك بفضل تفوقه التقني في كل الجوانب والذي ظهر مع تطابق معماريات المنصات كلها.
وعندما نقول كل الجوانب فاننا لا نبالغ ، فالفوارق بين المنصات والحاسب الشخصي تلاشت تقريبا ، وما كان يميز المنصات في الماضي لم يعد موجودا حاليا ، كانت الألعاب تعمل علي المنصات المنزلية من القرص الضوئي مباشرة دون أي حاجة لتثبيت ملفات ، أو تحميل ترقيعات Patches ، أو تحديثات للنظام أو الألعاب Updates ، أما الآن فمعظم الألعاب تتطلب تثبيتا علي القرص الصلب لتعمل بصورة مرضية ، ناهيك عن كم الألعاب التي تٌحمّل ترقيعات وتحديثات دورية لاصلاح العيوب او اضافة أشياء جديدة ، بل أن المنصة نفسها أصبح لها نظام تشغيل صغير ، يفعل المثل أيضا ، بل أن كل ذلك سيزداد أكثر وأكثر مع مقدم المنصات الجديدة ، التي تعتمد كليا علي الأقراص الصلبة ، وعلي نظم تشغيل أكثر تعقيدا من السابق .
نزول المنصات المنزلية الي مستوي الحاسب الشخصي في صعوبة الاستخدام ومشاكل التطبيقات ، لا يترك للمنصات سوي القدر الضئيل من المزايا ، وهو القدر الذي تعادله عيوب أخري ، وهكذا ستجد اي شئ في الحياة ،لكن الأهم أن المنصات لم تعد صاحبة المزايا الهائلة في يسرة الاستخدام والتي جعلت لها بريقا خاصا في عيون المستخدمين العاديين ،لقد فقدت هذه المزية،فاصبحت المنصات مشكوفة أمام التفوق العتادي والتقني الهائل للحاسب الشخصي ، والذي كما شرحنا في أول المقال ، أصبح غير ذي محل شك .
وكنتيجة لهذا فان منصتي PS4 و XOne ، ستعانيان من اللهاث وانقطاع الأنفاس في محاولاتهم للحاق بجودة الحاسب الشخصي الرسومية ، تلك المحاولات التي سيكتب لها الفشل يقينا .
ستلتزم ألعاب المنصات بالعدد المعتاد من الاطارات : 30 اطارا في الثانية ، علي دقة 1920×1080 أو أقل ، بدون ممانع تعرج Anti-Aliasing ، أو باستخدام ممانع تقريبي مثل FXAA ، مع استخدام اعدادات رسومية أقل من مثيلاتها في اصدارات الحاسب الشخصي ، كأن يتم تقليل مستوي الاضاءة والتظليل ..الخ.
أما اذا تم فتح عداد الاطارات الي 60 ، فسيقابل هذا انخفاض أكبر في جودة الرسوميات ليتيح معالجة هذا العدد المضاعف من الاطارات بسرعة ملائمة .
وقد ظهر هذا واضحا في معرض E3 ، فلعبة Ryse المشتقة من محرك CryEngine الشهير ، تعمل بـ30 اطارا علي دقة 1600×900 ، ولعبة Battlefield 4 تعمل بمعدل 60 اطارا علي دقة 1280×720 ، وتبدو وكأنها تعمل علي اعدادات صورة متوسطة .. لعبة TitanFall تعمل علي 60 اطارا أيضا بدقة أقل 1600×900 أو أقل .
بالطبع نحن نتحدث عن مقارنات بين المنصات والحاسب ، لا يعني هذا أن الرسوميات ستكون متواضعة ، بل أن العكس هو الصحيح ، نحن نقارن بين عال وأعلي منه !
وبالنظر الي رسوميات الصف الأول من ألعاب الجيل الجديد ، نستطيع أن نري أن العنوان الرئيسي لها هي أنها أشبه بعروض التحريك الاحترافية CGI Animation ، دقة الاكساءات أصبحت فائقة ، دقة الاضاءة ممتازة ، والمؤثرات المابعدية Post Processing أكثر من رائعة .. يظهر هذا بشدة في ألعاب مثل Forza 5 و Final Fantasy 15 و Metal Gear 5 و The Division و Infamous Second Son ، الخ .
في النهاية ، فان أوقاتا ممتعة تنتظر أولئك المهتمين بالجانب البصري من الألعاب ، لكنها أوقات ستكون أكثر امتاعا علي سيد الألعاب الذي لا ينازعه أحد ، الحاسب الشخصي .