علي الرغم من صدور العديد من الألعاب المشتركة بين الحاسب الشخصي والمنصات الجديدة ، الا أن إصدار Watch_Dogs كان له الأثر الأكبر في توضيح مدي اتساع الهوة السحيقة بين المنصات والحاسب.
وعلي الرغم من صدور ألعاب فائقة رسوميا من قبل Watch_Dogs ، مثل Battlefield 4 و Need For Speed Rivals ، وألعاب أخري برسوميات ممتازة مثل Assassin’s Creed 4 و Call Of Duty Ghosts ، وعلي الرغم من أن كل هؤلاء جاءوا برسوميات أقوي علي الحاسب الشخصي وبفارق ليس هينا بينه وبين المنصات ، الا أن Watch_Dogs جاءت بالفارق الأكثر وضوحا حتي الآن.
والسبب، أن كل ما سبق من ألعاب تم تصميمه اعتمادا علي محركات سابقة موجودة بالفعل ، ومطوعة للعمل علي المنصات القديمة كأولوية قصوي، لكن Watch_Dogs تم تصميمها منذ البداية علي الحاسب الشخصي ، ثم طوعت بأثر رجعي لتعمل علي المنصات القديمة والجديدة.
حدث هذا علي الرغم من إصدار الجاسب الشخصي لم يكن بدون مشاكله الخاصة والتي تعلقت معظمها بالأداء وتحديدا جانب الذاكرة، كان هناك أيضا شكاوي عديدة من تخفيض الرسوم ، إلا أن جوانب قصور المنصات البصرية كانت أكثر في الكم والنوع ، وهم كالأتي ..
الظلال Shadows :
جاء اصدار المنصات بدرجة مؤسفة من دقة الظلال، فهي تظهر متعرجة بدرجة كبيرة، وبالذات اذا كانت قريبة من منظور الرؤية، كما تظهر باهتة وغير محددة ، وفي بعض المشاهد أتت المنصات بعدد أقل من الظلال أيضا.
علي الجانب الآخر فان الدقة الفائقة Ultra علي الحاسب تأتي بظلال ذات وضوح وتحديد فائق ، وبدون أية تعرجات تذكر ، لذا تظهر الظلال بارزة وطبيعية تماما ، علي النقيض من المنصات.
الاضاءة الشمولية Global Illumination:
جاء الفارق بين المنصات والحاسب في هذا الجانب هائلا للغاية، حيث امتلأ اصدار المنصات بالهلالات السوداء حول بعض الأجسام ، تلك الهالات التي تنتج بسبب نقص إحكام الاضاءة ، كما جاءت أجسام عديدة دون مستوي مناسب من الظلال الثانوية والبينية ، في المقابل ، فان أقصي اعداد علي الحاسب الشخصي (وهو مستوي +HBAO المقدم من NVIDIA) أتاح له التخلص من تلك الهالات، اضافة الي اضافة العشرات من الظلال الثانوية حول كل الأجسام ، فأصبح حتي للأعشاب والنباتات الصغيرة القابلية أن تسقط ظلالا، أو أن يتخللها الظل، وكذا الأمر مع الجوامد والمباني، والتي أتيح لها الفرصة أن تتعرض لمستويات مختلفة من الاضاءة الداكنة بحسب موضعها من مصدر الضوء.
الإنعكاسات Reflections :
الفارق كان كبيرا هنا أيضا، حيث جاءت المنصات بانعكاسات ذات وضوح متوسط، سواء علي الأسطح المعدنية للسيارات أو برك المياه، كذلك لم يتاح لكل الأضواء ومصدار الانارة أن يكون لها انعكاسها الخاص، فالبعض ينعكس ، والبعض الآحر لا ، مما يشكل تناقضا واضحا بصريا ، ويظهر كل هذا بوضوح في وقت الأمطار الكثيفة ، وخصوصا ليلا.
تفادي اصدار الحاسب الشخصي كل هذه النواقص باستخدام الاعداد الفائق Ultra من جديد، حيث سمح برفع وضوح الانعكاسات لتظهر محددة وبارزة، كما سمح بانعكاس عدد كبير للغاية من الأضواء فوق الأسطح العاكسة.
المياه Water:
الفارق هنا لم يكن كبيرا ، لكنه كان هاما رغم ذلك ، فعلي مستوي Ultra جاء اصدار الحاسب الشخصي بأمواج أكثر عددا علي المسطحات المائية ، مع تفاعلية أكبر مع حركة اللاعب أو المركبات خلالها ، أيضا جاءت الأمواج أكثر بروزا وتجسيدا.
اضافة الي ذلك تعكس تلك المسطحات كل الأجسام القريبة منها ، حتي أصغرها حجما ، وساهم كل هذا في تجسيم المسطحات المائية بشكل أكثر حيوية، مقارنة باصدار المنصات الذي احتوي علي درجات أقل من كل ما سبق.
مسافة الرسم Draw Distance :
جاءت المنصات بمسافة رسم أقل مقارنة بالحاسب علي المستوي الفائق Ultra، والفارق بينهما كان متسعا، فمسافة الرسم الأكبر المتاحة للحاسب مكنته من رسم مباني وأجسام وتقاصيل وأنوارا وظلالا ودخانا وشظايا أكثر بكثير من المنصات في أي مشهد واحد ، أيضا تظهر شوارع المدنية في اصدار الحاسب بشكل أكثر ازداحاما نتيجة رسم عدد أكبر من السيارات والمركبات.
الاكساءات Textures:
علي المستوي الفائق Ultra تظهر اكساءات الحاسب بشكل أكثر وضوحا نتيجة استعمال دقة رسم أعلي للاكساءات، وقد مكن هذا الحاسب من ابراز التفاصيل الصغيرة كالنصوص المكتوبة والشقوق والنتوءات علي كل الأجسام بشكل جليّ، علي العكس من ذلك لم يستطع اصدار المنصات القيام بأي من هذا بسبب استخدامه لدقة رسم أقل.
وقد مثلت هذه أول مرة يتفوق فيها الحاسب بهذا القدر في دقة الاكساءات منذ بدأ الجيل الجديد ، حيث عادة ما تساوي الحاسب مع المنصات الجديدة في هذا الجانب بسبب وفرة سعة الذاكرة في المنصات الجديدة.
لكن تفوق الحاسب في هذا الجانب أتي علي حساب استهلاك الذاكرة، الذي تعدي 3 جيجابايت علي دقتي 720p و 1080p ، بل أنه يصل الي 5 جيجابايت علي دقة 1440p ، وأكثر من 7 جيجابايت علي دقة 2160p (أو 4K) ، لذا لزم اختيار بطاقات رسومية ذات سعة ذاكرة ملائمة. وقد صدر للعبة عدة ترقيعات Patches في محاولة لتقليل السعة اللازمة، الا أن المحاولة لم تأتي ثمارها بشكل كامل بعد، وما زال هناك العديد من التعديلات المتوقعة علي هذا الجانب.
معدل التجسيم والترصيع Polygon Count & Tessellation:
بسبب مسافة الرسم الأكبر التي يتمتع بها الحاسب علي المستوي الفائق Ultra ، فان أي مشهد يحوي تجسيدا أكثر تفصيلا للشخصيات والجوامد.
ممانع التعرج Anti-Aliasing :
نقطة قوة مستمرة للحاسب الشخصي ، حيث دعمت اللعبة ترسانة كبيرة من ممانعات التعرج ، تراوحت بين التقليدي MSAA و التقريبي FXAA و SMAA ، الزمني Temporal SMAA ، إلا أن الممانع الأقوي كان وما زال هو TXAA المقدم من NVIDIA ، والذي يجمع بين MSAA و FXAA و مرشح زمني Temporal ، مما يساهم في القضاء علي غالبية التعرجات سواء أثناء الحركة أو الثبات.
أما عن المنصات فلم تستخدم سوي ممانع تقريبي يشابه الـ FXAA و الـ SMAA ، ومع الوضع في الاعتبار فشل المنصات في الحصول علي دقة 1080p بشكل كامل، واللجوء الي دقات منخفضة بدلا منها ، (900p لمنصة PS4 و 792p لمنصة XO) ، فان الصورة النهائية تمتلئ بالتعرجات.
تعديلات أخري:
لم يكتفي لاعبو الحاسب الشخصي بكل ما حصلوا عليه من مميزات بصرية ، بل لجأوا الي اضافة المزيد ، وخصوصا بعد أزمة انخفاض رسوميات اللعبة عن العروض الأولي لها .. وعن طريق تعديلات بسيطة ، استطاع المتحمسون اضافة المزيد من الظلال التفاعلية Dynamic Shadows من كشافات السيارات ، بالاضافة الي تعزيز الاضاءة الفنية والساطعة بنماذج أكثر جمالا، خاصة اضاءة وهج المصابيح Lens Flare فضلا عن تقوية مؤثرات الشظايا وقطرات الأمطار ورذاذ الماء والضباب، وتعزيز اللعبة بكتيبة من المؤثرات المابعدية Post Processing الأكثر قوة ، مثل مؤثرات عمق المكان Depth Of Field أثناء الجري ، وضباب الحركة Motion Blur أثناء السير بسرعات كبيرة ، وقد رفع كل هذا من الجودة البصرية للعبة بما لا يقاس.
ويمكن القول أن قدرة محرك اللعبة الحقيقية قد برزت بشكل حقيقي علي منصته الأم (الحاسب الشخصي) ، وعلي الرغم من كل ما تم تأكيده عن تخفيض الرسوميات ، فان Watch_Dogs هي لعبة متقدمة رسوميا ، وجاءت بتقنيات رائدة عديدة ، فهي أول لعبة متعددة المنصات تدعم اضاءة شمولية Global Illumination ، وتدعم الرسم المستند الي الواقع Physically Based Rendering في نفس الوقت.
لكن دعم نسخة الحاسب الشخصي لتقنية +HBAO كان له الأثر الأكبر في إحداث فارق كبير وسريع بينها وبين نسخة المنصات، توقع الكثيرون أيضا أن تضع NVIDIA المزيد من مستويات الترصيع Tessellation ، أو المحاكاة الطبيعية PhysX في اللعبة لكن هذا لم يحدث.
وبفضل كل الجوانب التي تخطي فيها الحاسب المنصات، من ظلال واضاءة وانعكاسات واكساءات ومسافة رسم ومحاكاة للمياه، وبفضل الاضافات الجديدة التي قام بها المستخدمين الهواة، فان فارق الرسوم أتي شاسعا هذه المرة ، أكثر من أي مرة سابقة. وهو الفارق الذي كان يجب أن يكون أكثر اتساعا حتي بدون تعديلات الهواة لولا التخفيض الذي تعرضت له اللعبة عن صورتها الأولي في معرض E3 والذي طال جوانب عديدة، وجعلها تتقهقر في سباق رسوميات الجيل الجديد عدة خطوات مقارنة بمنافسين أشدأ أمثال Battlefield 4 و Ryse و KillZone.
هذا الفارق سيتكرر كثيرا وبشكل أكثر حدة مع التطور المحموم لعتاد الحاسب، ومع مقدم مكتبة DirectX 12 الذي صار قريبا، ومع اصرار مصنعي العتاد مثل NVIDIA و AMD و حتي Intel علي دفع صناعة ألعاب الحاسب قدما، وحشو الألعاب بالجديد من التقنيات و التطويعات ، ونخشي أنه ليس أمام المنصات في تطويع ألعابها سوي خيارات ضيقة.
وصناعة أي لعبة تتضمن جزئين رئيسين ، محاكاة طبيعة اللعبة من مؤثرات وحركة الأجسام والذكاء الاصطناعي والتفاعل مع البيئة ، وكل هذا يتولاه المعالج المركزي CPU ، ثم رسم كل ذلك علي الشاشة في هيئة صور ، وهذا يتولاه المعالج الرسومي GPU.
مشكلة المنصات الحالية أن المعالج المركزي فيها ضعيف للغاية مقارنة بالمعالج الرسومي ، وهذا يضيق من الأفق المتاح للمطورين لكي يزيدوا من تعقيد جزء المحاكاة في ألعابهم، وقد برز هذا جليّا في لعبة معقدة مثل Watch_Dogs ، حيث تتيح اللعبة التفاعل مع بيئة اللعب بشكل جديد تماما عن أي لعبة سابقة ، فضلا عن تطور نظام محاكاة الطبيعة بها، من محاكاة الملابس والرياح والأمواج، والقدرة علي التخريب، وكل هذا يتطلب قدرات قوية من المعالجات المركزية، الأمر الذي لم يتوفر في المنصات الحالية ، وقد أصبح من المعتاد أن نسمع أن المطورون ينقلون عددا من الأعباء الحسابية من فوق كاهل المعالج المركزي الي المعالج الرسومي ، وهو ما حدث في Watch_Dogs بالفعل، الأمر الذي قيد رسوميات اللعبة في النهاية.
القراء المخضرمون يتذكرون أن هذا كان علي النقيض مما كان يحدث في منصات الجيل السابق، فبسبب ضعف المعالجات الرسومية حينها (وتحديدا منذ منتصف عمر الجيل المنصرم) ، تحملت المعالجات المركزية أعباءا رسومية كثيرة بالنيابة عن الرسومية. الآن يحدث العكس وهو الأمر المثير للسخرية.
ويبدو أن هذا هو السبيل الوحيد المتبقي للمنصات بالفعل، توكيل المعالج الرسومي ببعض من مهام المعالج المركزي، في صورة مهام حوسبة عامة General Compute تنفذ بالكامل علي مظللات المعالج الرسومي Shaders ، ولو لم يحدث هذا فان تطور الرسوميات علي المنصات سيتوقف عند مرحلة ما، وستتسع الهوة لتصير بحرا كاملا، الهوة بين الحاسب والمنصات!
مقالات ذات صلة:
اضاءة ألعاب الجيل الجديد .. نحو المزيد من الابهار ..
أشهر الأخطاء الرسومية في الألعاب
مكتبة DirectX ، العبأ الذي لم يعد يطيقه أحد !