طرحت شركة هيوليت باكرد HP أخيرا ما يعتبر حدثا مهما على شاكلة منتج جديد، ألا وهو جهاز لوحي بشاشة تعمل باللمس يدعى HP TouchPad بسعر 500 دولار للطراز سعة 16 جيجابايت، و600 دولار للطراز سعة 32 جيجابايت. وهو عبارة عن مربع أسود بشاشة لماعة تعمل باللمس، قياس 9.7 بوصة. ويمكن تكبير الخرائط والصور وصفحات الشبكة، عن طريق وضع أصبعين على الزجاج وإبعادهما عن بعض، أو التقريب بينهما لعمليات التصغير. وتدور صورة الشاشة لدى تدوير الجهاز بمقدار 90 درجة.
والأزرار الوحيدة المتوفرة فيه، هي زر المدخل تحت الشاشة، وأزرار رفع الصفحة وإنزالها إلى الأسفل الموجودة على الحافة.
نظام تشغيل جديد
ومثل هذا الوصف يبدو مطابقا لجهاز iPad، وأجهزة Android، مما يعني أن HP تملك الشجاعة فعلا للخروج بجهاز لوحي جديد، خاصة أن الخاصية الكبيرة التي تفرق الأخير عن الأجهزة الأخرى، هي نظام التشغيل WebOS المختلف الذي يشغل هواتف “Palm”، لكنه جديد بالنسبة إلى الأجهزة اللوحية، مما يعني طبعا أنه لا توجد الكثير من التطبيقات له حتى الآن، حيث لا يتجاوز عددها 300. فهنالك فقط تطبيق “كيندل”، و”باندورا”، و”الطيور الغاضبة”، لكنه يفتقر إلى تطبيقات “فليكستر”، و”بوكيت جود”، وإلى تطبيقات “جوجل” كلها، مثل “جوجل موبايل”، و”جوجل إيرث”، كما لا يوجد فيه “نيتفليكس”.
ومن منظار لائحة الكشف على العتاد، يبدو أنه يفتقر إلى بداية جيدة. فهو بحجم iPad، لكنه أسمك منه بمقدار 40%، وأثقل بنسبة 20%. وهذه خاصيات يصعب هضمها بالنسبة إلى جهاز تحمله طوال اليوم.
وله كاميرا أمامية لدردشة الفيديو، لكنه خلافا إلى منافسيه لا توجد كاميرا في ظهره. وهو يدعم Wi-Fi، لكنه لا يتمكن من الدخول أيضا إلى الإنترنت عن طريق شبكة الجوال. ويمكنه الإشارة إلى موقعه عن طريق خرائط “بينج مابس”، بالاستعانة بنقاط Wi-Fi الساخنة القريبة، لكنه لا يملك نظام GPS فعليا.
ومن المفترض أنه مزود بمعالج سريع في الداخل، لكنك لا تستطيع ملاحظة ذلك. فعندما تدير الشاشة يستغرق الأمر ثانيتين، وهو وقت طويل في معيار الأجهزة اللوحية. كما أن فتح التطبيقات يستغرق فترة طويلة، فتطبيق الدردشة الموجود فيه مثلا يستغرق سبع ثوانٍ لكي يظهر. أما الصور المتحركة فتكون عادة مرتعشة، كذلك فإن ردود الفعل لحركة الأصابع على الشاشة تكون غير واضحة وحاسمة. وعلاوة على أن الجهاز سميك، فإن شحنة بطاريته تدوم ثماني ساعات فقط، خلافا إلى iPad الذي تدوم بطاريته 10 ساعات.
جهاز جميل
وهكذا فإنه حتى HP تتفهم أن الأمل الوحيد المعقود على جهازها هذا العامل باللمس هو تميزه عن الأجهزة الأخرى الجيدة التي أثبتت جدارتها، مما يعني التساؤل ما إذا كان هذا كافيا بحد ذاته للاقتناع بشرائه؟
الجواب كما تقول HP أن الجهاز جميل أولا. لكن علبته المصنوعة من البلاستيك الأسود اللماع هي مغناطيس لبصمات الأصابع، وإن كان يبدو جميلا قبل ذلك بخمس دقائق.
كذلك فإن نظام التشغيل WebOS هو جميل أيضا. فهو متماسك بيانيا، وأنيق، وإنسيابي، ويقوم بعمله بشكل كافٍ. وربما هذه هي المكافأة عندما تقوم شركة واحدة بتصميم كل من الجهاز والبرنامج خلافا لأجهزة Android مثلا، التي هي خليط من نسخ وأشكال متنوعة.
والمبادئ الرئيسية لنظام التشغيل WebOS هو ذاته في هواتف “Palm”. ومثال على ذلك عندما تقوم بالضغط على زر المدخل، تتقلص جميع التطبيقات المفتوحة إلى “بطاقات” بنصف حجم النوافذ. وبالإمكان في هذه المرحلة استخدام أصابعك لتحريكها، أو إبعاد أحد التطبيقات إلى الأعلى لإقفاله. إنه يعمل بشكل جيد جدا، وينقل الكثير من المعلومات من محول تطبيق iPad الذي هو عبارة عن صف من الأيقونات.
وتقول HP إن شاشة اللمس تقدم أعمالا متعددة حقيقية. فجميع التطبيقات المفتوحة تعمل دائما. أما في iPad فإن تطبيقات محددة فقط تظل في الخلفية، أما الأشياء الأخرى الباقية فتبقى معلقة حتى عودتك. وتجادل “أبل” بأن المهام المتعددة تستنزف البطارية، لذا ينبغي على المستخدم اختيار التسوية التي تناسبه.
الخاصية الأخرى التي يتميز بها نظام WebOS ما تدعوه HP، “سينيرجي” الذي يعني توحيد جميع البيانات الصادرة عن الحسابات المختلفة على الشبكة. فقد تكون محتفظا بالمواعيد العائلية في تقويم “جوجل”، ومواعيد العمل في “إكسشينج”، أو “أوتلوك”، وبعض الفعاليات الأخرى على “فيس بوك”. لكن جهاز TouchPad يقوم بتوحيدها جميعا في تقويم واحد مرمز بالألوان.
ويقوم بالأمر ذاته مع دفاتر العناوين على الشبكة، وحسابات التسجيل في البريد الإلكتروني، وحسابات الدردشة، ومكتبات الصور. وفي كل حالة يقوم TouchPad بعرض كل الأمور في مكان واحد.
ويشغل نظام WebOS فيديوهات “Flash” على الشبكة، وإن كان مهزوزا في بعض الأحيان. وبمقدور أجهزة Android اللوحية القيام بذلك أيضا، بخلاف iPad .
وللوحة المفاتيح على الشاشة بعض المميزات على منافسيه. فأولا لا حاجة هنالك لتغيير مشاهد لوحة المفاتيح لرؤية أرقامها، فهي موجودة في الصف العلوي.
ثانيا: عندك خيار من أربعة ارتفاعات للمفاتيح، أي بالمقدور تكبير لوحة المفاتيح، أو تصغيرها وفقا إلى نسبة حجم أصابعك. كذلك قامت HP بعمل جيد من الابتكارات التي حققتها “Palm”، ومثال على ذلك الحافظة الاختيارية TouchPad بسعر 80 دولارا، التي لا تمسك TouchPad بشكل قائم، بل إنها تنشط أوتوماتيكيا نمط حافظ الشاشة المفيد الذي يكون على شكل عرض لصور السلايدات، أو لحالة الطقس. والأفضل من ذلك كله، أنه يقوم بشحن TouchPad مغناطيسيا من دون الحاجة إلى وصل أي شيء.
خدمات لاحقة
وسيقوم TouchPad بإنجاز مثل هذه الأمور لاسلكيا حال قيام HP بإطلاق هاتفها “Palm Pre 3”. فإذا كانت هنالك صفحة شبكة على الجهاز اللوحي، يمكن نقلها إلى “Pre”، عن طريق إمساك الهاتف في أسفل TouchPad. وهذا أمر مدهش إذا كنت قد استدعيت مثلا إرشادات تقودك إلى وجهتك أثناء قيادة السيارة، أو وصفة ما تريدها على هاتفك، من دون الحاجة إلى نسخ عنوان الشبكة. وبمقدور TouchPad أن يخطرك إذا ما وردت مكالمات هاتفية، أو رسائل نصية إلى هاتف “Palm Pre 3”.
ويقوم بعض الأشخاص باختراق وقرصنة هاتف iPhone لتشغيل تطبيقات غير مصرح لها. لكن “أبل” تقاوم ذلك بلا هوادة عن طريق حرب البرمجيات. لكن HP ترحب بمثل هذه الأمور. كما أنك ستتفق مع HP على عدم إزعاجها بأي نتائج غير محمودة، لأن بمقدورك إعادة ضبط المصنع الأساسية، عن طريق إعادة الجهاز اللوحي إلى وضعه الأول.
يبقى أن الكثير مما وعد به TouchPad يبقى نظريا، فجميع أنواع المميزات “ستأتي قريبا”، وفق HP بما في ذلك الموسيقى، ومخازن الأفلام، وخدمة “ماك/ويندوز” المفيدة التي تنسخ ملفاتك الموسيقية على الجهاز اللوحي. طبعا تؤكد HP أن المزيد من التطبيقات هي على الطريق.
وبمقدور الجهاز اللوحي هذا تشغيل 8000 تطبيق مصمم لنظام هواتف WebOS. ومن السخافة أنها تشغلها على مساحة صغيرة بحجم شاشة الهاتف تعوم وسط الشاشة السوداء. فلا خيار مطلقا لتكبيرها، كما هو الحال في Android وiPad.
وتقول HP إن TouchPad ما هو سوى الجهاز الأول لعائلتها من الطرازات المختلفة، فهي تتوقع بالنهاية ايصال تطبيق WebOS على أجهزة لابتوب وكومبيوترات وطابعات.
وبإيجاز فإن الجهاز هذا لم يكتمل بعد، أو ينضج، كما هو حال iPad، أو Android، لكن ثمة دلائل للفخر أن تلتحق HP بالمعركة متأخرة جدا، والاستمرار فيها.