وللمزيد من التوضيح ، سوف أفترض أن تلك المادة هي مادة “الفنكوش” أو أية مادة أخري ، وفي الواقع فلن يهمني اسم المادة كثيرا ، يكفي تماما أنها تخدم غرض تخزين التيار الكهربي .
سوف أصنع شريطا طويلا من هذه المادة ، مثل هذا الشريط مثلا :
نعم ، هذا شريط من “الفنكوش” !
ثم سأقوم بتقسيم هذا الشريط الي عدة أقسام ، أو خلايا ، بحيث تستطيع كل خلية واحدة تخزين شحنة كهربية واحدة فقط :
شريط الفنكوش مقسّم الي خلايا منتظمة ، كل خلية تخزن اما واحد أو صفر ..
الآن سأقوم بطباعة الشحنات الكهربية (الواحدات والأصفار) التي تمثّل اللحن الذي أبهرني ، علي هذا الشريط ، كل شحنة (1) في خلية كما ذكرنا :
تمّت عملية طباعة اللحن علي الشريط !
بالطبع سوف أترك بعض الخلايا خالية تماما من الشحنات ، لتمثل عدم مرور التيار (0) ، أو الصفر كما اتفقنا .
وفي النهاية ، سأقوم بتصميم آلية قراءة ، تستقبل الشريط ، وتقرأه خلية خلية بسرعة معينة ، عندما تقرأ تلك الآلية رقم واحد (أو شحنة ) ، فانها توصلها الي السماعة لتهتز وتصدر صوتا ، وعندما تقرأ الآلية رقم صفر (او عدم وجود الشحنة) ، فانها لا تفعل شيئا ، وبالتالي لا توصل تيارا الي السماعة ، وبالتالي لا يصدر أي صوت !
ستقرأ الآلية رقم واحد في أول خلية ، ويترجم هذا الي صوت بوم .
ستقرأ الآلية رقم واحد في ثاني خلية ، ويترجم هذا الي صوت بوم أيضا .
ستقرا الآلية رقم واحد في ثالث خلية ، ويترجم هذا الي صوت بوم كذلك .
ثم ستقرأ الآلية رقم صفر في رابع خلية ويترجم ذلك الي وقفة ، أو عدم صدور صوت .
وبهذه الطريقة حصلنا علي أول مقطع في لحني البديع : بوم بوم بوم ، ثم يتكرر ذلك بالطريقة نفسها للحصول علي باقي المقاطع !
أرأيتم ؟! قمة البساطة حقيقة .. وها أنذا أستلقي علي أريكتي أستمع دون كلل الي لحني المفضل وهو يعزف نفسه بنفسه دون أدني تدخل من جانبي ، غير عابئ باستغراب الحاقدين ، أو مصمصة أفواه اصحاب الذوق الرفيع في الموسيقي .
لكن يبدو أن غريز الانسان صعبة الارضاء دائما ، فبعد 90 ساعة من الاستماع المتواصل لنفس اللحن ، قررت أنه قد أصبح مملا ، وأن الأوان قد حان لتغييره بواحد آخر !
لكنني كسول بطبعي ، ولا أريد أن أورّط نفسي في مأزق محاولة تأليف لحن آخر ، أو في عملية تسجيل المقطع الجديد علي شريط “الفنكوش” مرة أخري ، كما أنني توّاق الي ذكريات الماضي ، ولا أحب أن يضيع لحني القديم في نهر الزمن ، بل أحب ان أحتفظ به لعلّي احن اليه في وقت لاحق !
ما أحتاجه اذن هو لحن جديد .. لكن دون أن أؤلف نغمة جديدة بنفسي ، و دون أن أعيد الطباعة علي شريط الفنكوش ، ودون أن يضيع اللحن القديم !
انها حقا لمعضلة عويصة ، لكن “لا مستحيل تحت الشمس” ، ولكل معضلة حل بالتأكيد !