ثانيا: بعيدا عن الهراء !! :
بعيدا عن هرائي الشخصي ، وعن كسلي ، وعن بخلي وعن تعقيد تفكيري ، حان الوقت الآن لأوضح فائدة كل هذا.
1 – في البداية اخترع الانسان الأجهزة التناظرية ، مثل السماعة أو الشاشة، وهي أجهزة تتفاعل مع الطبيعة بشكل مباشر ، لهذا سميّت تناظرية ، فهي تهز ذرات الهواء لتخرج الصوت ، أو تشع ضوءا لتكوّن الصورة .
2 – ثم احتاج الانسان الي تكرار ما يعرضه علي هذه الأجهزة ، احتاج الي تخزين أصوات أو صور معينة ، لهذا اضطر الي اختراع الذاكرة ، وهذه ليست الا “شريط الفنكوش” في مثالنا السابق ، ويقابلها في الحقيقة كل شئ ، منذ اسطوانة “الجرامافون” الي شريط التسجيل “كاسيت” ، الي الأقراص الضوئية DVD ، الي القرص الصلب Hard Disk و الذاكرة العشوائية RAM والذاكرة المخبأة Cache !
هذه الذواكر لا تخزن بيانات بمعني معلومات و وعلوم ، ولكنها تخزن تعليمات للأجهزة التناظرية لتعمل بطريقة معينة ، فكما رأينا في مثالنا السابق ، فشريط “الفنكوش” لم يفعل شيئا سوي تخزين تتابعات الاهتزازات للسماعة ، وعلي آلية القراءة تلقين هذه التتابعات الي السماعة !
3 – ثم احتاج الانسان الي تعديل هذه “البيانات” لاشتقاق بيانات جديدة منها ، لذا اضطر الي اختراع المعالجات Processors ، وهذه ليست الا “المؤلف” في مثالنا السابق ، فالمعالجات لا تفعل شيئا سوي تغيير قيم الشحنات أو “البيانات” في الذواكر ، وتوليد بيانات جديدة منها ، مثلما يعمل “المؤلف” تماما .
تمكن الانسان أيضا من “برمجة” هذه المعالجات ، أي تحديد كيفية عملها ، أي تحديد ما ستقوم بتغييره وما ستقوم بتركه ، وهذا هو ما فعلناه مع “المؤلف” أيضا ، حيث قمنا بتعديله أو قل “برمجته ” اذا شئت ، ليعمل علي خلايا محددة فقط من شريط “الفنكوش” بدلا من كل الخلايا .
هكذا نشأ الحاسوب ، خطوة بخطوة ، وحسب حاجة الانسان ، وتطور ليصبح محركا لكل انجازات التقدم والحضارة في العصر الحديث .
وأخيرا أكرر ” فاذا فرغنا من ترسيخ نمطية بداية الحاسوب ،يصبح بامكاننا أن نخطو نحو مفهوم أفضل لهذه البداية ، نحو ادراك أشمل للحاسوب” ..
في الحلقة القادمة ، سوف نوسّع ادراكنا للحاسوب بمناقشة الأجهزة التناظرية بشئ من التفصيل ، وكيفية تطويعها لتعطي المطلوب منها في دقة .
—————————–
(*) ملحوظة : حيوان الكوالا هو أكثر الحيوانات كسلا علي سطح الأرض ، فهو ينام أكثر من20 ساعة يوميا .